قال تعالى في كتابه الكريم على لسان النبي يوسف عليه السلام ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ )
إن السجن قد يحوي بين جدرانه الرسولَ والنبيَّ، والعالم والأميَّ, والكاتب والشاعر, والتقيَّ والفاجر.. فهاهو نبي الله يوسف عليه السلام يبقى في السجن ويخلد ذكراها التاريخ والأيات الحكيمة ، والامام موسى الكاظم عليه السلام سجن ظلماً وزورا حتى مات في سجنه وهكذا نماذج مشرفة عبر التاريخ.
إن من يظن أن الانسان خلق ليكون كالبهيمة أجلكم الله يأكل ويشرب وينام وأن يتزلف للظالم ويجعله كالصنم يتقرب له بالكذب ولو ” هتك عرضه ” فهذا يعشعش في أذهن من لم تكن الحرية والاباء في دماءهم بل عاشوا كسالف أجدادهم عبيدا وخدما متخاذلين، يجعلون الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم وهذا الأمر الوحيد الذي لا يمكن للمرئ أن يدعيه فالشجاعة سر مستودع في صلب الرجال الأحرار أم الخنوع والخسة هي ديدن المرتزقة والحقراء ومصيرهم مزبلة التاريخ.
هناك من يسلك مسلك أجداده فيقتدي بأعلامهم كالامام السبط الشهيد الحسين (ع) فقال وهو في طريقه لكربلاء ( فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ) فكان لموقف الحق هذا ثمن فقد استشهد عليه السلام مع الكثير من اصحابه وقرابته، واقتيد الامام علي زين العابدين (ع) مع نساء آل محمد لقصر اللعين يزيد في الشام وكان هناك موقف الاباء للعقيلة زينب عليها السلام التي واجهت الطاغوت بكلمة الحق وحصل ما حصل ليخلد التاريخ هذه الذكرى الخالدة فأين نحن من هؤلاء الأعلام المخلدين.
نتمثل بقول الشاعر المتوكل الليثي :
لسنا وأن أحسابنا كرمت
يوماً على الأنساب نتكل
**
نبني كما كانت أوائلنا تبني
ونفعل مثل ما فعلــــــــــوا
لم أشأ أن أكتب على ما حصل في الماضي فجميع من يعرفني حق المعرفة يدرك تماماً بأني لست ممن يبحث عن التباهي والتفاخر ولكن كثير طلب أن أوضح التفاصيل لرفع الحرج عن المتربصين.
منذ نعومة أظافري وأنا أرفض أن تنتهك الحقوق وأن يعيش الناس راضخين للظلم لأنه معطل للغاية الربانية في خلق العباد فقد قال عز وجل في كتابه ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ( 30 ) ) ، فخليفة الله في الأرض له معاني سامية كبيرة وراقية، ولعل أول قضية تحدثت عنها هي القضية الفلسطينية ، ففي أثناء أيام الدراسة قدمت عبر الاذاعة المدرسية فقرة المعلومات العامة والتي كنت اذكر فيها حقائق تاريخية عن أرض فلسطين المحتلة ، وفي الوسيلة التعليمية التي قدمتها سنة 1999م أثناء دراستي في المرحلة الثانوية في مسابقة الابداع المدرسي فازت الوسيلة بالمركز الأول على محافظة الفروانية مع زميلي عبدالله ضيدان الشريفي وقد كتبت فيها فقرة تشرح القضية الفلسطينية ومظلوميتها، وكنت قد أعددت أول صفحة إلكترونية 1998م لي بموقع مجاني aleazy.8m.net وقد وضعت في الصفحة مناصرة للقضية الفلسطينية ضد الصهاينة الظلمة.
وفي المرحلة الجامعية وانضمامي لجمعية كويت تو لتقنية المعلومات حيث كنت نائبها وقد كنت من أوائل من طالبوا بفتح صندوق مساعدة الطلبة ونشر التصريح في جريدة الأبراج العدد 56 ليوم السبت 16 ربيع الآخر 1428هـ الموافق 5 مايو 2007م ، وحينما زار السكرتير الأول للأمير طلال بن عبدالعزيز رئيس مجلس امناء الجامعة العربية المفتوحة ليستمع لسلبيات الإدارة حيث تمنع الكثير من الطلبة التكلم بصراحة منه خوفا من الإدارة برزت وتكلمت بكل صراحة عن الصغير والكبير وسلمت ورقة بالمطالبات ممهورة باسمي نيابة عن جمعية كويت تو لتقنية المعلومات ، وقد كان لنا دور بارز في رفضنا لتلاعب الادارة في فرض تزكيات واقصاء الانتخابات في المجلس الطلابي ووقفنا وقفة احتجاجية شهدتها الصحافة آنذاك.
وقد دعمت الاخوة في قضية ( الاحواز العربية ) في أكثر من موقف ولعل ما بقى منها عبر الشبكة أوائل الرسالات التي أرسلتها لهم في 2007م ( اضغط هنا ) ، ومنذ 2006 دعمت قضية الكويت الأولى وهي قضية ( الكويتيين البدون ) عبر مختلف الوسائل ومن الطبيعي أن أي ناشط في هذا المجال الذي تعاكسه توجهات الحكومة يواجه المضايقات المختلفة.
هنا شاهد في لقاءي على قناة سكوب على دورنا الجريء في نقل الصورة المحايدة :
في 2 أكتوبر 2012م خرج محتجين من ( الكويتيين البدون ) و ( الناشطين الكويتين الحقوقيين والاعلاميين ) ليعبروا بسلمية عن رفضهم في التسويف بحل القضية ولعل الفيديو معبر عن الوضع:
بعدها تحركت قضية كيدية لعدد من الأحرار وصدر بحقهم مذكرات اعتقال وكنت من بين وردت أسماءهم في هذه المكيدة ، ولعلنا نستأنس بكرامة من الله علينا في هذه المناسبة فقد توجه عدد من أفراد المباحث بالزي المدني على عنوان قديم لي ولم اعد أسكن فيه ويسكنه غيري عندما طرقوا الباب خرجت لهم الخادمة فطلبوا منهم ان تبلغ ( عبدالرحمن ) بالخروج فقالت أن هذا المنزل لا يوجد فيه أحد باسم عبدالرحمن ، فغضب أحدهم ودخل لحوش المنزل يصيح عليها يظن أنها تخدعه، وكان في ديوانية المنزل شباب خرجوا ليستعلموا الأمر فرد عليهم بغضب وصار يصيح فتطور الأمر لشجار تعرض فيه الفرد واعوانه لوجبة من التأديب جعلتهم يولون أدبارهم ثم عادوا مستعينين بأفراد الشرطة وتطور الأمر وبعدها تبين أن الأفراد الذين كانوا يريدون السوء بي أنهم على خطا وأن الله عاقبهم بأيدي غيري ولم يستطيعوا أن يشتكوا لأنهم دخلوا للبيت دون استئذان كما أن البيت لا أسكن فيه والحادثة شهدها جميع القاطنين في ذلك الحي، وعصراً وردني اتصال من مدير مباحث الجهراء ( المقدم سعد شبيب العدواني ) يطلب مني الحضور وأفدته بأنني سأحضر وأبلغت من أعرفه فتجمع حولي مجموعة من المناصرين والمحبين وطلبوا مني كلمة بخصوص هذا الشأن فكانت كالتالي:
ولاحظت أثناء دخولي الارتياب من العاملين في المركز ودخلت على مكتب المقدم سعد العدواني الذي أخبرني بأنه صدرت ضدي مذكرة ضبط واحضار وأجبته أنه لا مانع لدي وأنني أنصر قضية من باب نصرة الحق ودحض الباطل ومستعد لمواجهة كل العواقب ولا أخشى في ذلك لومة لائم وإن الله في النهاية له الأمر وإليه ترجع النفوس، لذلك بكل تقدير نقلت للمباحث الجنائية وتصادفت مع الاخوة نواف العبدان ، عبدالله مياح ، عبدالله فيروز وإلتحق فيما بعد د.عبدالحكيم الفضلي وتم التحقيق معنا وايقافنا لاستكمال التحقيقات بل أن المحققين والعاملين عاملونا بكل احترام وتقدير كون القضية سياسية وأن الموضوع واضح بل الكثير منهم قالوا إن هذا الموقف هو رفعة رأس وأن لكل موقف ضريبة.
ولا زلت أتذكر موقف جلوسنا وحديثنا المتبادل مع الموقوفين الذين قدموا لنا احترامهم وتقديرهم ولا أنسى أنه كان هناك مصحف تبادلنا القراءة والترتيل أنا وأخينا نواف العبدان ، وآل العبدان هم حمولة قحطانية كريمة من رؤوس المنتفق وأصهار آل السعدون ، وأثناء التحقيق كان المحقق من عائلة الكندري حسب ما اذكر وفيما بعد عرفت أنه توفي رحمه الله وغفر له وقد أبدى الرجل عليه الرحمة التعاطف والتعاون ولكنه أشار أن الأمر خارج عن إرادته.
حيث جاء أمر بحبسنا 10 أيام على ذمة التحقيق ونقلنا للحجز العمومي وهناك إلتقينا بمجموعة من الأحرار ونتذكر الشباب آل خالد الفضلي ( عثمان ، سعد ، علي ) حيث قاموا بالترحيب والضيافة الكريمة ، والتقينا بالناشط ( حسين الخالدي ) و بجمع مبارك من الأحرار ولله الحمد والمنة في الصباح التالي تم عرض قضيتنا على قاضي التجديد وكنت سابقاً بشرت بعض الاخوان بأنني أشعر بأن الفرج قريب وعلى سبيل المزحة قلت نحن في 10/10 وهو يوم ميلادي فسنجد الخير باذن الله، وهناك حصل موقف ظريف فقد كان أحد الشرطة من بني حسين الأشراف فقال له الحاضرون ” كيف لا تفزع لابن عمك ” بالاشارة إلي فقام مشكورا بتقديم ما يمكن تقديمه وهو ليس بغريب على هذه الدوحة الكريمة ، وكان من الحاضرين الأستاذ ناصر النبهان والمحامي محمد عبدالله الفضلي وقرابة ثلاثة اخرين من المحامين وأعضاء جمعيات حقوق الانسان وصدر حينها الأمر بالافراج الفوري مع كفالة شخصية.
وبعدها خرجنا ونقلونا للمركز الذي تم ايقافنا فيه حيث تلقانا العشرات من الشباب بالهتافات والترحيب الحار وكانت أمسية لا تنسى من هؤلاء الأحرار الذين أقبلوا علينا بالتراحيب والمشاعر الجياشة مرفوعين على الأكتاف وإنه والله من القبول الذي كتبه الله لنا في قلوب هؤلاء الأخيار.
ومن ثم رجعت لمنزلي في الصليبخات حيث إلتقيت بوالدي ووالدتي والحمدلله على ما حصل وما تم وفي اليوم الأخر ازدحم علينا المهنئين الكرام من مختلف مشارب المجتمع ولله الحمد والمنة على ما حصل، وقد أعلنت في مطلع 2013م اعتزالي للنشاط السياسي بعد عطاء لمدة 7 سنين بعد ما قدمت ما استطيع تقديمه وأن أتفرغ للبحوث العلمية واستكمال دراستي الجامعية.
إن الحرية والمواقف المشرفة ودفع ضريبة هذه الأعمال أمر لا يفهمه من تربى على الاستعباد والذل بل هو يسخط على من يطالب بالحق ويراه أمرا فاسداً فهو يعيب عليك شموخك ويريدك مثله خانعاً بل أن قضايا التزوير والقذف والسرقة أهون عنده من أن تواجه بقضية كيدية لعرقلة طريق الحق، هؤلاء يخلقون أصنام حية يعبدونها من دون الله والكارثة أنها تنسب زورا باسم الدين، نحن أحرار بأننا اتخذنا قدوتنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والامام علي (ع) والامام الحسين (ع) وهم أحرار بأن تكون قدوتهم من قدس الطغاة وسبح بحمدهم رغم الظلم والفساد والقهر، وكما قلنا أن يمكن للمرئ أن يدعي ما يدعي من الزور ولكنه أبداً لن ينال ما ناله المرئ في عروقه من أجداده من حب الأخرة وكراهية الدنيا ونصر الحق وتحمل عواقبه وتصدر المواقف المشرفة فشتان بين الثرى والثريا.
وختاما نستذكر ما قاله الشافعي رحمه الله متذكرا مودة أمير المؤمنين الامام علي (ع) :
لو فتشوا قلبي لألفوا به ،، سطرين قد خطا بلا كاتب
العدل والتوحيد في جانب ،، وحب أهل البيت في جانب
كتبه : عبدالرحمن الحسيني
والنعم بسيد عبدالرحمن مواقفك المشرفة كثيرة