لم يكن أكثر المُتفائلين يتوقع في عام ٢٠١١ عندما أطلق “جاريت كامب” و “ترافيس كالانيك” تطبيق “أوبر – Uber” للمرة الأولى في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية أن ينجح هذا التطبيق الناشئ للهواتف المحمولة في أن يُزعزع عرش سيارات التاكسي ووسائل المواصلات التقليدية التي لطالما عملت في هذا المجال لعقود طويلة من الزمن دون مُنافس. لم تكن الفكرة بحد ذاتها منطقية خاصة في تلك الأسواق التي لطالما شكل الأمن أحد المخاوف المُلحة بها، وفي ظل تهديد حقيقي لخدمات التاكسي، الليموزين وتأجير السيارات والتي تلعب دورا إقتصاديا هاما.
ولكن خلافا لكافة الشكوك، نجحت “أوبر” في أن تتوسع وتنتشر لتصل الى أسواق ٦٦ دولة، وتعمل في أكثر من ٥٠٧ مدينة حول العالم، بما في ذلك مُدن كانت تستعصي على خدمات النقل التقليدية، وتحقق أرباحا سنوية بلغت ١,٥ مليار دولار أمريكي. ولكن ليس هذا ما نحن بصدد الحديث عنه فقط، فما أجده مُثيرا للإهتمام بدرجة أكبر هو كيف نجحت تلك الشركة في أن تصنع لنفسها من سوق يبدو محدودا في مجاله سوقا آخر مُتسع يُمكن الإستفادة منه تجاريا بآلاف الطُرُق والشراكات المُختلفة.
كشفت “أوبر” الأسبوع الماضي، وتحديدا في الثاني من شهر نوفمبر الجاري عن تحديث هو الأكبر من نوعه للتطبيق الخاص بها مُنذ تحديثه في عام ٢٠١٢, وتُكمل “أوبر” من خلال التحديث الجديد الإنتقال من مُجرد تطبيق لطلب توصيلة من مكان الى مكان الى تطبيق ذكي مُتكامل يسعى الى تقديم خدمات مُتكاملة تعتمد على مكان تواجد المُستخدم، والمكان الذي ينوي الذهاب إليه.
سيُظهر التحديث الجديد، الذي يُنتظر أن تُصبح كافة مزاياه مُتوفرة بنهاية العام الجاري، للمُستخدم تقييم المكان الترفيهي أو المطعم الذي يتجه إليه بسيارة “أوبر” وآراء مُستخدمين آخرين فيه من خلال شراكة مع Yelp، كمان سيقوم بتحليل مكان تواجد المُستخدم الحالي وسلوكه السابق في التطبيق ليقترح عليه المكان الذي يُريد الذهاب إليه الآن قبل أن يقوم بإختياره، كأن يقترح على الشخص الذي قام للتو بمُغادرة مكان عمله أن ينقله الى منزله مُباشرة بناءا على سلوكه السابق
أما المُستخدمين الذين يستخدمون “أوبر” للوصول الى أقرب وسيلة مواصلات عامة تنقلهم الى وجهتهم فسيحصلون على جدول بمواعيد رحلات المواصلات العامة المُختلفة القريبة من محطة الوصول ليتمكنوا من إنجاز رحلتهم دون مُغادرة تطبيق “أوبر”، من خلال شراكة مع تطبيق Transit. سيتمكن مُستخدمي “أوبر” من مُشاركة موقعهم مع أصدقائهم من خلال التطبيق، ومن خلال ذلك يُمكنك في أي لحظة أن تطلب سيارة لتُوصلك الى مكان صديقك بإستخدام إسمه فقط دون أن تشغل بالك بالسؤال عن موقعه في الوقت الحالي. وأخيرا فمن خلال شراكة مع Snapchat سيُمكنك إضافة فلتر ذاتي التحديث على صورك يظهر عليه تحديثات حول الزمن المُتوقع لوصولك الى وجهتك من خلال سيارات “أوبر”.
ولكن لا تُعد تلك هي المرة الأولى التي تعمل فيها “أوبر” على التوسع في رقعة نفوذها، وإبتكار مجالات دخل شديدة التنوع بداخل سوق النقل والمُواصلات التي ظنت شركات التاكسي والليموزين لسنوات أنها قد إستكشفت كافة أوجهه، فعلى مدار السنوات الماضية أجرت “أوبر” تجارب عديدة مُبتكرة كان من بينها خدمة النقل بإستخدام طائرات هليكوبتر من خلال شراكة مع شركة “إير باص” في مدينة ساو باولو البرازيلية، وإسثمار الملايين من الدولارات في أبحاث هائلة في مجالات السيارات ذاتية القيادة والمركبات القادرة على التحليق، وهي أبحاث في حالة أتت بثمارها فرُبما تنعكس على الشركة بأرباح ستتجاوز مليارات الدولارات مُتمثلة في إمكانية التخلي عن السائقين كُليا، أو التغلب على الزحام في المُدن الكُبرى.
أحدث التعليقات