منذ عقدين من الزمن وحتى هذه اللحظة، نجحت شركة أمازون Amazon بتغيير واقع التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت. فمن متجر لبيع الكتب إلى متجر لبيع كل شيء تقريبًا، إضافة إلى الأجهزة التقنية التي أطلقتها الشركة والتي غيّرت واقع قراءة الكتب الإلكترونية، دون نسيان المساعدات المنزلية وجهاز أمازون إيكو Amazon Echo الذي دخلت من خلاله مجال الذكاء الاصطناعي بقوّة كبيرة، دافعة شركات بحجم جوجل إلى اللحاق بهذه الصيحة التي بدأتها -أمازون- بنفسها قبل الجميع.
ويبدو أن حجم الابتكار في المتجر الإلكتروني الأكبر عالميًا ليس له حدود، فالشركة أعلنت مؤخرًا عن متاجر جديدة لا تحتوي على نقاط دفع، لا يحتاج الزبون فيها للانتظار بطوابير طويلة، فهو لا يحتاج سوى للدخول إلى المتجر وأخذ حاجياته، ثم الخروج، دون القيام بأي شيء آخر.
لتحويل فكرة المتجر الجديد، الذي يعرف باسم Amazon go، إلى حقيقة، استخدمت أمازون مجموعة من التقنيات المختلفة التي سجّلتها عام 2014 في مكتب براءات الاختراع الأمريكية، فأبحاث الشركة في هذا المجال ليست حديثة العهد على ما يبدو.
بداية وباختصار تعتمد أمازون على الجمع ما بين الذكاء الاصطناعي، وتحليل الصورة عبر الحاسب، إضافة إلى نظام تحديد الموقع الجغرافي، ومستشعرات موجودة داخل المتجر نفسه من أجل تتبع كل شيء، دون نسيان أجهزة التقاط الصوت -مايكروفون- التي تُساهم أيضًا في توفير تجربة تسوّق غير مسبوقة أبدًا.
قبل الدخول إلى المتجر يحتاج المستخدم إلى تثبيت تطبيق amazon go على هاتفه الذكي ثم تشغيله بمجرد الدخول إلى المتجر، حيث يظهر رمز استجابة سريع QR يتم استخدامه لفتح بوابة الدخول وفتح جلسة داخل نظام المتجر خاصّة بالزبون، فمنذ تجاوز البوابة تبدأ المُستشعرات بالعمل لتتبع الزبون وحركته أيضًا بناءً على الجلسة التي فُتحت على النظام، وهي عملية تتم بالتنسيق مع التطبيق على الهاتف الذكي.
عندما يقف الزبون أمام أحد الرفوف تقوم الكاميرات بداية بالتقاط أكثر من صورة من أجل الحصول على لون بشرته وتحليل اللون والدرجة، بحيث لا تتداخل المُستشعرات والبيانات ما بين المستخدمين، فكل مستخدم لديه درجة لونية مُختلفة عن الآخر، ومن هنا يتم التتبع بشكل أفضل. أما عندما يقوم الزبون بسحب أي منتج من الرف فإن الكاميرات أيضًا تتعرّف على المنتج وتقوم بتتبعه حتى تتأكد من أن الزبون أخذه وبالتالي تقوم بإضافته إلى الفاتورة. أما إذا أعاده، فالنظام ذكي وقادر على حذفه من قائمة المُشتريات بسرعة كبيرة.
ولو وقف زبونان أمام نفس الرف وقام أحدهما بسحب منتج، بينما لم يختر الآخر أي شيء، فإن النظام قادر على تحديد الزبون الذي قام بأخذ المنتج من خلال درجة لون البشرة أولًا، ونظام تتبع المنتجات ثانيًا، وأخيرًا عبر المايكروفونات التي تُستخدم لتحديد موقع المستخدم من خلال التقاط حركاته وقياس سرعة انتقال الصوت ووصوله إلى المايكروفون.
أما نظام تحديد الموقع الجغرافي فهو يستخدم لحساب بُعد المستخدم عن موزّع الإشارة اللاسلكية داخل المتجر، وبالتالي وبعد الجمع ما بين بيانات الكاميرا، وبيانات المايكروفونات، إضافة إلى بيانات الموقع الجغرافي يتم تحديد كل شيء بدقة واتخاذ القرارات بسرعة أكبر. وبكل تأكيد لا يجب إغفال دور الذكاء الاصطناعي AI في مثل هذا النظام، فالشركة قطعت شوطًا كبيرًا في مساعدها الجديد Amazon Echo، وبالتالي استخدام جزء من هذه الخوارزميات في المتاجر الجديدة أمر وارد جدًا.
أخيرًا، وبعد الانتهاء من أخذ الحاجيات يخرج الزبون من البوابة بكل أريحية ودون الحاجة لإبراز ما قام باختياره، أو حتى تسجيل خروجه من الجلسة التي فُتحت باستخدام الهاتف، ولا أي شيء آخر، فقط اختر ما تُريد واخرج إلى وجهتك القادمة بكل سهولة وسرعة، وستتم عملية الدفع عبر التطبيق الموجود على الهاتف الذكي بشكل فوري وآلي بعد منح الصلاحيات المطلوبة.
أما بخصوص الصعوبات التي تواجه أمازون، فالتكلفة تُعتبر أهم عنصر يجب أن تحاول تقليله قدر الإمكان لتكون قادرة على الانتشار بهذه الفكرة بسرعة أكبر، كما يمكن أن تمنح تراخيص لاستخدام هذا النظام من قبل متاجر أو شركات أُخرى، وبالتالي تُصبح علائمة رائدة في مجال تطوير نماذج المتاجر الإلكترونية، وتلك الموجودة على أرض الواقع أيضًا.
أحدث التعليقات