بدأت قبل أيام بالاستماع إلى حلقات البود كاست الصوتي المميز (Read to Lead)، الذي هو عبارة عن برنامج صوتي باللغة الإنجليزية يقدم في كل حلقة أحد الكتب الجيدة والمفيدة في مجال القيادة والريادة، ويتحدث في كل حلقة مع المؤلف أو المؤلفة التي أنتجت ذلك الكتاب، وقد كانت إحدى الحلقات تدور حول كتابة ( Master Content Marketing) للمؤلفة (Pamela Wilson)، فتحدثت حديثاً مفيداً يفيد كل من لديه نشاط على الإنترنت.
الشاهد في الأمر أنها تطرقت في معرض حديثها إلى الأنواع الثلاثة للقراء على شبكة الانترنت، الذين يصلون إلى المقالات والتدوينات المنتشرة في فضاء الويب، قسمت القراء إلى ثلاثة أصناف، وتحدثت بشكل مختصر عن كل صنف من تلك الأصناف، ولقد أحببت عبر هذه المقالة أن اسهب في هذا الموضوع كي نفهم هذه التصنفيات بشكل أعمق.
قُرّاء المستوى الأول
هم القراء الذين يريدون التعرف على المفهوم أو الفكرة بشكل عام، لا يريدون الكثير من التفاصيل عن ذلك الموضوع لكن فقط التعريف أو الخلاصة أو الفكرة العامة، هذا القارئ هو أنا وأنت وكل شخص آخر يسبح في فضاء الويب، كل منا له اختصاصه الذي يتعمق فيه، لكن أيضاً يحب أن يعرف بعض المعلومات عن كل شيء يتعرض له في حياته، وبدلاً من أن يسأل الأشخاص الآخرين أسئلة قد تكون ساذجة، يلجأ إلى فضاء الإنترنت كي يعرف أصل الشيء وبعض المعلومات العامة عنه.
قد نصادف أحد المصطلحات السياسية الجديدة علينا، أو مصطلح نسمعه من شخص مثقف (أو يدعي الثقافة) فنود حينها أن نعرف ماذا تعني تلك الكلمة، ماهو أصلها وفصلها، وحينها نتوجه إلى العم قوقل كي يوصلنا إلى أقرب صفحة أو موقع يعرض لنا تعريفاً سهلاً لذلك المصطلح، وعادة مايكون المستقر الأول هو موقع الموسوعة الحرة (الويكيبيديا) أو أحد المقالات الموجهة للمبتدئين في ذلك المجال.
قد أكون محترف في مجالي المتخصص فيه، لكني بالتأكيد مبتدئ في الكثير من المجالات الأخرى، لذلك فعندما أحاول معرفة بعض المعلومات عن مجال من تلك المجالات فأنا أبحث حينها عن مقالة أو تدوينة موجهة للمبتدئين، أو عن أي مقالة تسهل علينا فهم ذلك المجال وتعطينا المعلومة في قالب يهضمه العقل بسهولة.
لنضرب مثالاً، لنفترض أنك لم تستخدم تطبيق سناب شات من قبل، وقررت أن تلحق بالركب وتستخدم هذا التطبيق مثل الملايين حول العالم، حينها أنت بحاجة لمقالة قصيرة أو فيديو يعطيك شرحاً سريعاً لكيفية استخدام التطبيق والتعرف على أساسياته، وذلك لكون التعامل مع التطبيق ليس كبقية التطبيقات والشبكات الاجتماعية، الامر فيه بعض الصعوبة لمن يستخدمه لأول مرة، في هذه الحالة ستكون قارئ من المستوى الأول.
قُرّاء المستوى الثاني
هم القراء الذين يودون التعمق في موضوع من المواضيع، قد تعرف ما هو التدوين وقرأت عنه بعض الأشياء هنا وهناك، تعرف مثلاً أن منصة مثل الوورد برس قد تُستخدم في صنع المدونات وشيء اسمه (استضافة) يجب أن يتوفر عند إطلاق مدونة جديدة، قد تكون هذه حدود علمك وأنت راضِ عنها لأنك في حقيقة الأمر لا تحتاج لأكثر من ذلك، لأنك لست مدون.
لكن حين تقرر دخول هذا المجال وبدء رحلتك التدوينية، حين تقرر فتح مدونة جديدة سواءً كانت شخصية أو مهنية متعلقة بالمجال الذي تعمل فيه أو التخصص الذي أنت بارعٌ به، حينها سوف تحتاج لمعلومات أكثر وتفاصيل أعمق، سوف تبدأ بالبحث عن المقالات الطويلة والدسمة التي تشرح نظام الوورد برس وكيف يمكن تثبيته وتعديل خصائص وتركيب قوالبه، وستقرأ كثيراً عن شركات الإستضافة وأيهم أفضل ومن يقدم الخصائص الأكثر.
قُرّاء المستوى الثاني يحتاجون إلى مقالات أكثر عمقاً وتفصيلاً، قد لا يجدون في صفحات الويكيبيدا بغيتهم، فهي تعطيهم تعاريف عامة وخطوط عريضة، المحتوى الأجنبي سيكون أفضل وأكثر تفصيلاً، لذلك قد يبحثون عن محتوى باللغة الإنجليزية إن كانوا يجيدونها، سواءً محتوى مقروء أو مرئي (فيديوهات في اليوتيوب على سبيل المثال) فالمحتوى في اللغة الإنجليزية أكثر تنوعاً وثراءً، لا يعني هذا أن المحتوى العربي يهتم فقط بالقشور، لا بل هنالك إزدهار ملحوظ في المحتوى الجيد والدسم في الويب العربي.
قُرّاء المستوى الثالث
أما القراء في هذه المرحلة فهم يبحثون عن دقائق المعلومات ونوادر المعرفة، عن تفاصيل أكثر حول بعض الجزئيات التي لا يلتفت إليها أغلب الناس، مثلاً، في موضوع التدوين، بعد عدة أشهر من التدوين ربما يريد المدون البدء في بناء نموذج ربحي والاستفادة من حجم الزوار القادم إلى المدونة لتسويق كتبه مثلاً أو دوراته، وهنا سوف يحتاج إلى معرفة من نوع آخر، معرفة لن يجدها إلا عند الخبراء في هذا المجال، عند خبراء التسويق وبيع المنتجات الرقمية والربح عبر الإنترنت.
في الغالب هذا النوع من المحتوى ليس متوفر بسهولة على شبكة الإنترنت، الأمر يختلف من مجال إلى مجال، لأن الذي يصنع ذلك المحتوى ليس شخصاً عادياً أو كاتب مقالات يكتب هنا وهناك، بل هو محتوى تخصصي يحتاج إلى خبير في المجال نفسه، خبير يشاركك خبراته ومعرفته سواءً عبر تدوينات أو فيديوهات أو حتى حساب في سناب شات.
في هذه المرحلة تظهر الحدود بين المحتوى المجاني وغير المجاني على شبكة الانترنت، قد تجد أحد المدونين الذي يكتب في مجال تخصصه، يعرض عليك كتاب إلكتروني فيه الكثير من التفاصيل التي لن تجدها في صفحات المدونة، أو ربما يوفر دورة مدفوعة من أجل التعلم بشكل احترافي على يد متخصص وخبير في نفس المجال. وحينها قد تجد نفسك مضطراً لدفع بعض المال من أجل الحصول على ذلك المحتوى الذي يصعب عليك إيجادة بشكل مجاني.
أحدث التعليقات