حمل عام 2016 الذي شارف على الانتهاء الكثير من الأخبار المُفرحة بالنسبة لشبكة فيسبوك، فمستخدمي خدماتها المختلفة في ازدياد مُتسارع، وإلى جانب المليار و800 ألف مستخدم لها، وصل عدد مستخدمي انستجرام Instagram إلى 600 مليون مستخدم نشط شهريًا، دون نسيان واتس آب WhatsApp وقاعدة مستخدميه التي تجاوزت المليار كذلك. وأخيرًا وليس آخرًا تطبيق مسنجر الذي تجاوز عدد مستخدميه المليار أيضًا.
هذه السيطرة المُطلقة على خدمات الإنترنت المُختلفة، عكّرت صفوها المشاكل القانونية التي بدأت بملاحقة الشركة من كل حدب وصوب بسبب الأخبار الكاذبة، فالحكومة الألمانية على سبيل المثال قالت أنها قد تفرض غرامة تصل إلى نصف مليون يورو على كل خبر كاذب تُساهم فيسبوك في نشره!
هذه الظاهرة، أي الأخبار الكاذبة، ليست بجديدة أبدًا، فهي موجودة منذ مدّة طويلة على شبكة فيسبوك. لكنها ومع بداية الانتخابات الأمريكية أخذت منحى آخر، فالشبكة بحسب التجارب لم تُعامل المُرشحين على نفس القدر من المساواة، وهو ما جعل خوارزمياتها المسؤولة عن إبراز الأخبار، وفريق التحرير المسؤول عن هذه المهمّة تحت المُساءلة، وهو ما دفع زوكربيرج والعاملين في الشبكة للحديث عن خطط جدّية للحد من الأخبار الكاذبة قدر الإمكان.
فيسبوك أعلنت أخيرًا عن أداة جديدة تسمح بالتبليغ عن الأخبار الكاذبة، فعند ظهور خبر أثناء تصفّح الشبكة الاجتماعية، يُمكن الضغط على آيقونة القائمة واختيار التبليغ عن خبر كاذب، مع وجود إمكانية لحظر الشخص الذي قام بنشر هذا الخبر بشكل كامل للحد من ظهور المزيد من هذه الأخبار. لكن هذه الأداة هي البداية فقط.
فيسبوك أعلنت تعاقدها مع بعض الجهات الخارجية التي تُساعد في معرفة مدى مصداقية الأخبار، فالشبكة سوف تقوم بإرسال المشاركات أو الأخبار التي تشك في مصداقيتها إلى تلك الجهات التي سوف تقوم بدورها بتأكيد صحّة المحتوى من عدمه، وفي حالة ثبوت أن المحتوى كاذب، ستقوم شبكة فيسبوك بخفض تقييمه وبالتالي لن يجد الخبر مكانًا له في قائمة المشاركات التي تظهر للمستخدم، وبالتالي قد لا يظهر أبدًا.
إضافة إلى ذلك، عندما يرغب المستخدم بإعادة نشر أي خبر أو رابط، فإن فيسبوك سوف تقوم بتنبيهه إذا ما كان تقييمه مُنخفضًا أو تم التبليغ عنه على أنه مُزيّف. هذا بدوره سيدفع أي مستخدم للتأكد ولو بشكل يدوي من أن الخبر صحيح، ولن يكتفي فقط بقراءته من مصدر واحد. كما تسعى الشبكة أيضًا إلى توفير رابط للخبر الصحيح إذا ما كان متوفّرًا، وبالتالي سيتم تنبيه المستخدم إلى أن الخبر كاذب أولًا، وتوفير رابط للخبر الصحيح ثانيًا لدحر الأخبار الكاذبة بالكامل.
العناوين هي أبرز الأمور التي تدفع مستخدمي فيسبوك لإعادة النشر، فالبعض وبمجرد قراءة العنوان يقوم بإعادة نشر الخبر، وهو ما يُساهم في ازدياد نسبة الأخبار الكاذبة. لكن هذا الأمر لا يحدث عندما يقوم المستخدم بقراءة الخبر كاملًا؛ بمعنى آخر، الخبر الكاذب بعد قراءته لا يقوم المستخدم بإعادة نشره، وبالتالي سترصد فيسبوك جميع الأخبار التي تتم قراءتها ولا تتم إعادة نشرها، وستقوم باختبارها إذا ما كانت مُزيّفة بسبب قلّة عدد عمليات إعادة النشر التي أُجريت عليها.
أخيرًا، تقف العائدات الإعلانية وراء نشر أخبار كاذبة لجذب شريحة أكبر من المستخدمين. وبناءً على ذلك، قررت فيسبوك تخفيض المكافآت المالية والعائدات الإعلانية للمواقع المُنخفضة، أي التي لا تمتلك مصداقية عالية، أو التي لا يمتلك كُتّابها مصداقية كبيرة، وبالتالي قد تُقلل بمثل هذه المُمارسة لجوء البعض لنشر أخبار كاذبة طمعًا في الربح المادي.
لكن وبغض النظر عن الأدوات التي ستوفرها فيسبوك يبقى المستخدم هو الشخص الأول المسؤول عن ما يقوم بمشاركته، فقراءة عنوان لا يكفي أبدًا لتحديد صحّة الخبر من عدمه. كما أن إعادة نشر أخبار من مواقع غير معروفة أمر يُساهم بشكل كبير في مثل هذه الظاهرة، لذا فالأفضل وقبل إعادة النشر البحث في جوجل للتأكد من وجود مواقع كُبرى تتحدث عن نفس الأمر، التي بدورها لن تُغامر بسمعتها وخبرتها لنشر أخبار كاذبة لا تعرف مدى صحّتها.
أحدث التعليقات