لم يكن عام 2016 المُنقضي عاديًا أبدًا لا على شبكة فيسبوك Facebook، ولا حتى على تطبيق سناب شات Snapchat، فالأولى قررت خوض حربًا مفتوحة مع تطبيق سناب شات بشكل مُفاجئ من خلال مجموعة من المحاولات والوسائل المُختلفة.
فيسبوك لم ترغب البدء من الصفر أبدًا، فهي لم تُفكّر في إطلاق تطبيق جديد يحمل خصائص سناب شات لمنافسته، بل لجأت إلى تطبيقاتها الحالية على غرار فيسبوك للأجهزة الذكية، وانستجرام Instagram، إضافة إلى مسنجر Messenger، لإضافة مجموعة مُتفرّقة من الميّزات التي يوفّرها سناب شات، وبالتالي تضمن وجود شريحة جاهزة من المُستخدمين، عوضًا عن انتظار جذب شريحة جديدة لو قررت إطلاق تطبيق جديد بتلك الأدوات.
بداية الحرب كانت عندما قررت فيسبوك شراء شركة MSQRDالمُتخصصة في مجال تطوير تقنيات التعرّف على الوجه وتطبيق تأثيرات عليها، على غرار تلك الموجودة في سناب شات. ومنذ ذلك الاستحواذ، أي منذ شهر مارس/آذار 2016 تقريبًا، بدأت فيسبوك بإضافة هذه الخاصيّة إلى تطبيق فيسبوك للأجهزة الذكية، وتطبيق مسنجر كذلك، بحيث يُمكن للمستخدمين تشغيل الكاميرا وتطبيق تأثيرات على الوجه قبل مُشاركة الصورة مع بقية الأصدقاء.
بعدها، قررت الشركة تطوير أدوات التصوير داخل تطبيقها الرسمي، فيسبوك، من خلال تضمين أدوات جديدة تسمح بمشاركة صور ذاتية التدمير، أو تختفي بعد فترة من الزمن، وهي الميّزة الأساسية التي قام من أجلها تطبيق سناب شات قبل نصف عقد من الزمن تقريبًا.
هذا لم يكن كل شيء في جعبة زوكربيرج وفيسبوك، فالشبكة قررت إطلاق تطبيق جديد يحمل اسم فلاش Flash، وهو خاص بالأسواق الناشئة مثل البرازيل والهند، دون توفيره في الولايات المُتحدة الأمريكية.
فلاش بكل بساطة هو نسخة طبق الأصل عن تطبيق سناب شات، يسمح بمشاركة الصور ومقاطع الفيديو على أن تختفي بشكل آلي بعد 24 ساعة، أو عندما يقوم المُستقبل بمشاهدتها. وبسبب ضعف الإنترنت في تلك البلدان، لعبت فيسبوك بذكاء من خلال طرح التطبيق بمساحة تصل إلى 25 ميجابايت فقط، مع التركيز على فكرة مُشاركة الوسائط وتحميلها بأسرع وقت وأقل حجم بيانات مُمكن لتشجيع المُستخدمين في تلك الدول على استخدامه.
ولم تستغل فيسبوك تطبيقها الرئيسي فقط، ولا حتى مسنجر، بل لجأت إلى انستجرام الذي يمتلك 600 مليون مُستخدم نشط شهريًا، والذي يُعتبر أفضل فرصة لمنافسة سناب شات لأنه تطبيق مُتخصص بمشاركة الصور ومقاطع الفيديو أساسًا، وإضافة خاصيّة الحذف الآلي للمحتوى بعد فترة أمر رائع جدًا.
بداية، أطلقت فيسبوك خاصيّة الحكايات Stories داخل انستجرام بحيث يمكن لأي شخص مشاركة صور ومقاطع فيديو وتطبيق تأثيرات عليها، على أن تختفي بعد فترة من الزمن. المُميّز في هذا الأمر هو الاحترافية العالية التي رافقت ظهور الحكايات داخل انستجرام، فالميّزة تعمل بشكل مُمتاز منذ اللحظة الأولى، ولم يشتكي المُستخدمون من أية مشاكل، وهو أمر صبّ في صالح فيسبوك التي حرصت على هذا الموضوع بكل تأكيد.
وبما أن الطموح لا سقف له في الشبكة الاجتماعية الزرقاء، حصل انستجرام على خاصيّة الرسائل ذاتية التدمير أيضًا، مع إمكانية إنشاء مجموعات لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو معها على أن تختفي بعد 24 ساعة كذلك، مثلما هو الحال في الحكايات. كما لم يغفل مُطورو انستجرام عن إضافة أداة لمعرفة من قام بتصوير الشاشة في المجموعات، وهي خاصيّة أيضًا موجودة في سناب شات مُنذ الأشهر الأولى له في سوق تطبيقات الهواتف الذكية.
بهذه المُحاولات الخمس حوّلت فيسبوك حياة سناب شات إلى جحيم تقريبًا، فنسخ نفس الميّزات دون تغيير حتى في بعض المُسمّيات أمر واضح جدًا، لكنها على ما يبدو لا تطمح إلى سرقة أو سحب مُستخدمي سناب شات نحوها، بل تريد فقط وضع سقفًا لنمو التطبيق، فعدم امتلاك حساب على سناب شات أمر وارد جدًا وشائع، لذا يُمكن الآن للراغبين بمشاركة صور ومقاطع فيديو ذاتية التدمير استخدام فيسبوك أو انستجرام لهذا الغرض، عوضًا عن تحميل سناب شات وإنشاء حساب جديد عليه، والتعرّف على آلية عمله.
لا يُمكن التكهّن بنتائج وتأثير مثل هذه الأمور بسهولة، خصوصًا أن سناب شات لا تُفصّل أرقامها وتكتفي بالحديث عن وجود 150 مليون مُستخدم نشط يوميًا، يُشاهدون 7 مليون مقطع فيديو خلال الدقيقة الواحدة، لكن 2017 كفيل بالكشف عن الأثر المُمكن لخطوات فيسبوك التي جاءت على ما يبدو نتيجة للردود الجافّة من إيفان سبيجل Evan Spiegel، المؤسس والرئيس التنفيذي لتطبيق سناب شات، في 2013 تجاه زوكربيرج عندما تقدّم بعرض استحواذ لقاء 3 مليار دولار أمريكي.
أحدث التعليقات