على نحو مُفاجئ، قررت شركة نوكيا Nokia العودة من جديد إلى سوق الهواتف الذكية دون أن تستسلم للزمن الذي غدر بها ووضعها على حافة النسيان، ومن أجل هذا قررت العودة إلى السوق بهاتف نوكيا 6 العامل بنظام أندرويد 7.
وباستعراض بسيط لميّزات الهاتف نجد أنه مُزوّد بشاشة 5.5 بوصة، ومُعالج ثماني النواة من شركة كوالكوم، إضافة إلى ذواكر عشوائية RAM بمساحة 4 جيجابايت، وذاكرة تخزين داخلية تصل إلى 64 جيجابايت. أما الكاميرات فواحدة خلفية بدقة 16 ميجابيكسل، وأُخرى أمامية بدقة 8 ميجابيكسل، والأهم من هذا كُله أن الهاتف سيتوفر بسعر 250 دولار أمريكي تقريبًا في السوق الصينية فقط على ما يبدو.
للأسف، شركة HMD المالك الحصري لعلامة نوكيا التجارية، قررت استغلال علامة نوكيا التجارية بأبشع شكل مُمكن من خلال العودة إلى السوق بهذا الهاتف الذي يُقلل من قيمة نوكيا ولا يرفع من قيمتها أبدًا!
لم تستسلم شركة بلاك بيري BlackBerry هي الأُخرى للواقع والزمن، بل قررت العودة بمجموعة من الهواتف الجديدة كان آخرها هاتف مُزوّد بلوحة مفاتيح صغيرة وشاشة كبيرة تعمل باللمس، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل. لكن بلاك بيري وعلى الرغم من أن أجهزتها تعمل أيضًا بنظام أندرويد، إلا أنها تُحاول تعويض نقص في سوق الهواتف الذكية وتحديدًا لوحات المفاتيح، فمنذ بدء المنافسة في هذا السوق في عام 2007 بُعيد إطلاق آيفون، بدأت مُعظم الشركات بالتخلّي عن لوحات المفاتيح، وبالتالي تتذرّع بلاك بيري بأمل أهمّية هذا العامل وتعمل على تطوير هواتف جديدة بهذه الخاصيّة المفقودة.
وبالعودة إلى نوكيا من جديد، فهي لم تجلب ما طال انتظاره، ولم تحترم تاريخها العريق المليء بالإنجازات والابتكارات، فدخول سوق الهواتف الذكية لم يعد أمرًا مُستحيلًا، ولنا في شركات مثلون بلس OnePlus أو شاومي Xiaomi خير مثال على ذلك، فبوجود نظام مفتوح المصدر وإدارة رائعة للموارد مثل نظام أندرويد، الأمر أصبح بمُنتهى السهولة، وهو ما لم تحسب نوكيا حسابه على ما يبدو.
توفير الجهاز في السوق الصينية فقط ليس رغبةً منها في تجربة الهاتف، أو جس نبض الشارع والسوق، بل هي رغبة في الاستفادة من عدد السكان الكبير هناك. ومن يدري، فقد يتوفر الهاتف الذي يلي نوكيا 6 في الهند فقط، فهي أيضًا من الدول ذات الكثافة السُكانية الكبيرة.
ما يفتقده سوق الهواتف الذكية في الفترة الحالية هو الابتكار، ولا شيء غيره، فتغيير تصميم واجهات نظام أندرويد وطريقة قفز الآيقونات من شاشة للأُخرى ليس بالأمر المُستحيل أو المُعقّد، كذلك هو الأمر عند إنتاج جهاز مُستطيل الشكل بحواف دائرية، وشاشة تمتد على الوجه الأمامي مع أزرار تعمل باللمس، وزر الرئيسية Home.
للأسف، لا يُمكن مُقارنة عودة نوكيا بهاتف نوكيا 6 سوى بأيام المُنتديات، ففي ذلك الوقت كنا نسمع يوميًا عن مُنتدى جديد غيّر صاحبه القالب Template فقط، وأضاف مجموعة من التأثيرات الجديدة على الصفحة الرئيسية كالفراشات الطائرة، أو كُرات الثلج المُتساقطة كنوع من التغيير والتميّز عن غيره، أما المُحتوى؟ فلا تسأل عنه، لأنه إن لم يكن مُكرر أو مسروق، فهو لا فائدة منه أبدًا.
لكن ولأن التقنية مُتغيّرة ومُتجددة، فإن تقلّبها قاسي جدًا، وهو شبح طارد نوكيا وبلاك بيري على حد سواء في السابق، ويبدو أن الأولى لم تتعلم منه. فتغيير الصيحة التقنية أو دخول صيحة جديدة تتطلب حجمًا كبيرًا من الابتكار قد يؤدي إلى ضربة موجعة جديدة للكثير من الشركات لأنها من الأساس قررت خوض السباق دون إحماء أو دون رفع طاقة الابتكار لأقصى درجة مُمكنة.
هل خلت شركة نوكيا من الابتكار منذ نشأتها وحتى عام 2007؟ أو هل كانت الكوادر العاملة بها قليلة الخبرة والتدبير؟ بكل تأكيد لا، لكنهم قرروا في فترة من الفترات الاستكانة إلى منطقة الراحة، وبالتالي انخفضت لياقة العاملين فيها. وما أن ضربت آبل بنظام iOS وهاتف iPhone، ثم جوجل بنظام أندرويد وجهاز Dream من HTC، حتى فقدت الكثير من الشركات توازنها، سُرعان ما خرجت من السباق أيضًا، لأنها لم تعد تتمتع بنفس القدر من اللياقة.
باختصار، قد تُحقق نوكيا، أو بلاك بيري، أو أي شركة أُخرى مبيعات عالية جدًا، وتنجح في تدوير رصيد مالي كبير جدًا، لكنه لن يُفيدها أبدًا فيما بعد، مثلما حدث معها في السابق، ومثلما حدث مع غيرها أيضًا، أو مثلما قد يحدث مع أي شركة تستكين وتُقرر الدخول في حلقة التكرار نفسها أيًا كان اسمها أو عراقتها.
في النهاية، قسم الابتكار وتطوير تقنيات الاتصال في نوكيا يعمل بشكل مُنفصل الآن، ولا علاقة لشركة HMD به، لكن استغلال اسم عريق بمثل هذه الطريقة أمر مُثير للاشمئزاز، خصوصًا أن مُتعة الهواتف عُرفت مع ظهور هذا الاسم.
أحدث التعليقات