تعتبر شبكات توزيع المحتوى (أو ما يُصطلح عليها في اللغة الإنجليزية بـ Content Distribution Networks واختصارًا بالـ CDN) أحد أركان الإنترنت حاليًا من ناحية إيصال المحتوى للمستخدم. كثيرٌ منّا لا يعلم أنه يتعامل مع هذا النوع من الشبكات يوميًا بشكل أو بآخر، و ذلك من خلال تسوقه عبر المتاجر الإلكترونية أو عن طريق تصفحه لمواقع التواصل الاجتماعي مثلًا، فغالبًا ما ستجد هذه الشبكة خلف كل ملف يصل إلى متصفح جهازك الشخصي أو هاتفك الجوال.
حتى نتمكن من معرفة السر وراء انتشار استعمال شبكات توزيع المحتوى فلابد من معرفة إحدى الخصائص المتعلقة بالشبكات وتبادل البيانات وهي “فترة الانتظار” أو ما يطلق عليها باللغة الإنجليزية “Latency”. هذه الخاصية تُعرّف بأنها المدة الزمنية بين طلبك لصفحة أحد المواقع على متصفحك ووقت ظهور صفحة الموقع على شاشتك. سنجد أن الوقت المستغرق في عرض صفحة الموقع يرجع لعدة عوامل وعلى رأسها المسافة بينك وبين الخادم المُضيف للموقع. هدف الـ CDN تقليل هذه المسافة بهدف توفير الاستعمال والتجربة الأمثل للمستخدم. تقوم الـ CDN بذلك عن طريق توفير أكثر من نسخة لمحتوى الموقع على أكثر من خادم موزعة جغرافيًا؛ بحيث تغطي هذه الشبكة معظم المستخدمين على مستوى العالم، ويكون كل خادم من هذه الخوادم مسؤولًا عن منطقة معينة؛ بحيث يوفر نسخة من محتويات الموقع الأصلي في نقطة أقرب للمستخدم كما يظهر في الشكل 1.
نظرة تاريخية ومراحل التطور
بدأ ظهور هذه الخدمة مع بداية انتشار الإنترنت وإتاحتها للاستعمالات المدنية في بداية التسعينات الميلادية وقد مرت بالعديد من التطويرات والتحسينات المستمدة من حاجة المستخدمين ومتطلباتهم، وبوجه عام يمكن تقسيم مراحل تطور الـ CDN إلى ثلاث مراحل، كل مرحلة من هذه المراحل تقدم مفاهيم وتقنيات جديدة لتركيبة الشبكة. يمكن تلخيص أهم ما يتعلق بهذه المراحل في الجدول 1.
جدول1 : توضيح لأهم المعلومات المتعلقة بمراحل تطور الـ CDNالثلاث
المرحلة | شبكة توزيع المحتوى الساكنة | شبكة توزيع المحتوى الديناميكية | شبكة المحتوى الموزع المتعدد الأغراض |
الفترة الزمنية | 1997 حتى 2001 | 2001 حتى 2010 | 2010 و حتى الآن |
بنية الشبكة | مبعثرة | موحدة | موحدة للغاية |
طريقة التخزين المؤقت | سحب المحتوى | العديد منها كان معتمدًا على دفع المحتوى | أغلبها اعتمد على دفع المحتوى |
جودة الخدمة | الأداء | الأداء و الوفرة | الأداء و الأمان و الوفرة |
التكلفة | مكلفة جدًا | مكلفة نوعًا ما | تكلفة معقولة |
العملاء | الشركات الضخمة | الأعمال و التجارة | أي شخص يملك موقعًا |
وكتوضيح لمفهومي سحب (pull) ودفع (push) المحتوى فإن ذلك يظهر جليًا من خلال الشرح التالي: عندما نتحدث عن دفع المحتوى فإن ذلك يعني أن الخادم الأصلي (الخادم الخاص بموقعك) يقوم بدفع كافة محتوياته إلى خوادم شبكة توزيع المحتوى منذ البداية ونشرها خلال الشبكة ، بينما في سحب المحتوى فعند أول طلب من أي مستخدم لأي محتوى كان من الخادم الأصلي تقوم شبكة توزيع المحتوى بسحب ذلك المحتوى وحفظه في خوادمها.
بنية شبكات توزيع المحتوى
جميع شبكات توزيع المحتوى تتكون من نقاط الوصول (PoP) التي تحتوي على العديد من الخوادم المؤقتة، وبدورها فإن هذه الخوادم المؤقتة تحتوى على عدد ضخم من الأقراص الصلبة ومساحات التخزين. على الجانب الآخر، فإن موفري هذه الخدمة تباينوا في طريقة توزيع نقاط الوصول وحجم المنطقة الجغرافية التي تغطيها تلك النقاط. ولعل من أشهر تلك الطرق الشبكة المبعثرة والشبكة الموحدة كما يوضحهما الشكل 2.
أولا: الشبكة المبعثرة:
يقوم مبدؤها على نشر عدد كبير جدًا من نقاط الوصول ذات القدرات البسيطة على مسافات متقاربة. ظهرت هذه البنية مع بدايات الـ CDN عندما كانت الأسلاك النحاسية هي الوسيط المستخدم في نقل البيانات لكن مع ظهور الألياف الضوئية فإن الغاية من تقليل المسافات بين نقاط الوصول تلاشت بشكل كبير.
ثانيًا: الشبكة الموحدة:
على خلاف ما سبق، فإن مبدأها يقوم على نشر عدد قليل من نقاط الوصول ذات القدرات العالية على مسافات متباعدة. هذه البنية تمثل الصورة الحديثة للـ CDN بسبب البنية التحتية المركزية التي توفر التحكم والإدارة السهلة للمحتويات. أيضًا فإن نقاط الوصول عالية القدرات تعتبر فعالة خصوصًا في تقليل أضرار هجمات DDoS (هجمات الحرمان من الخدمة)
ختامًا ، تكمن أهمية شبكات توزيع المحتوى في تقليل المسافة بين المستخدم وخادم الموقع مما يؤدي إلى تقليل فترة الانتظار أثناء تصفح الويب وتقليل حزم البيانات الضائعة وزيادة دقة البيانات المستلمة من قبل المستخدم. كما أنها تقلل من الضغط على خادم الموقع مما يسمح بزيادة عدد الزوار ويخفف من أثر هجمات الحرمان من الخدمة وبذلك تقوم شبكات توزيع المحتوى بتحسين أداء الإنترنت في يومنا هذا.
أحدث التعليقات