24 ألف ريال سعودي هو سعر الاعلان في أحد حسابات سناب شات، ليس رقماً خيالياً، كما أنه ليس سعر الاعلان في حساب باراك أوباما على سبيل المثال، إنما هو سعر الاعلان في حساب إحدى الإعلاميات الكويتيات في سناب شات، حيث صرحت بهذا الرقم بنفسها قبل أكثر حوالي سنة في مقابلة تلفزيونية تم نشرها في اليوتيوب.
لا شك أن سناب شات هو الملك حالياً في مجال التسويق الرقمي، أو بالتحديد التسويق عبر الشبكات الاجتماعية -على اعتبار أن سناب شات هو تطبيق اجتماعي-، فأسعار الاعلانات فيه فاقت المعقول في الفترة الماضية، حيث يشير تقرير نُشر قبل عدة أشهر أن متوسط ما يكسبه مشاهير سناب شات في السعودية في الشهر الواحد هو ربع مليون ريال، تلك الأموال الطائلة تتدفق من الحسابات البنكية الخاصة بالشركات وأصحاب الأعمال التجارية المختلفة.
هنالك الكثير من الشبكات الاجتماعية التي توفر حلول تسويقية رخيصة بالمقارنة بسناب شات، الفيسبوك يتيح أدوات احترافية لاستهداف الجمهور، يمكن لصاحب الاعلان أن يصل لمن يريد بالتحديد عبر استهداف بلد أو عمر أو اهتمام محدد، على العكس من سناب شات الذي ليس لديه منصة اعلانية مفتوحة للجميع حتى الآن، لكن رغم ذلك يبقى الاعلان عند مشاهير سناب شات هو الأغلى مقارنة بغيره من الوسائل الرقمية، فما هي الأسباب، هذا ما نحاول اكتشافه في هذه المقالة.
1. إعلانات غير مباشرة
يتحدث الكاتب “محمد حطحوط” في مداخلة له عبر قناة العربية، يتحدث عن قصة حقيقة بأنه راسل إحدى مشاهير سناب شات للاستفسار عن أسعار الاعلانات في حسابها، فتفاجأ أن هنالك نوعين من الاعلانات، إعلان مباشر واعلان غير مباشر، وسعر الاعلان غير المباشر هو ضعف سعر الاعلان المباشر !!
الاعلان غير المباشر هو عندما يتحدث الشخص عن المنتج أو الخدمة وكأنها تجربة شخصية، لا يظهر للجمهور على أنها اعلان أبداً، يحاول الترغيب والتحبيب في الخدمة أو المنتج بطرق غير مباشرة، فهو قد اشتراه عن طيب خاطر وهو يستخدمه ويعرض تجربته على متابعيه بحسن نية، يذكر الحسنات والمميزات ويبدي لهم كم هو معجب به، فينجذب المشاهد إلى المنتج، ويقتنع المهتم بالشراء، ويكسب هذا الشخص آلاف الريالات.
قد يضن البعض بأنها معادلة رابحة، الجميع يخرج كاسب، الشخص المشهور يحصل على المال، الشركة تحصل على الدعاية القوية، المستهلك المسكين يشتري المنتج وينتفع به، لكن المشكلة هي عندما “لا ينتفع به“، وأحياناً عندما يضره ذلك المنتج، قد يكون منتج طبي له آثار سلبية، قد يكون منتج عادي لا يرقى لمنافسة الأفضل في السوق، لكن تلك الدعاية جعلت منه الأفضل على الإطلاق، ذلك الإعلان لم يعرض المنتج بشكل محايد، لم يبين سلبياته كما بين إيجابياته، لقد وثق المتابعين في الشخص، لقد اعتقدوا أنها تجربة استخدام وليست إعلان.
أحد الحلول الفعالة هي “الإفصاح”، كما يخبرنا الأخ سعود الهواوي في مقالة سابقة له، عندما يفصح المعلن ويبين أنه اعلان فسوف يتفهم المشاهد أو المتابع أن من الطبيعي في الاعلان عرض الإيجابيات فقط، ليس هنالك اعلان يعرض السلبيات، كما أنه من المعروف أن الاعلانات يتم المبالغة فيه، سيكون المتلقي متفهم لكل هذه الجوانب وسيبني رأيه الشخصي بشكل أكثر واقعية وعقلانية، لكن طبعاً تبقى المسؤولية الأخلاقية ملقاة على عاتق الشخص المعلن، في تحري الصدق والأمانة.
2. حل عقدة الروابط
الروابط الاعلانية من المكونات الرئيسية لأي اعلان رقمي، مثلاً؛ يتكون الاعلان في الفيسبوك من عدة أجزاء منها الرابط الذي سيذهب إليه المستخدم في حال أعجبه المنتج أو أصبح مهتماً بما يعرض في الاعلان، بمعنى أنك إن كنت تريد عمل اعلان رقمي فيجب عليك أن تمتلك موقعاً رقمياً أو على الأقل صفحة في الفيسبوك أو أي واجهة رقمية كي تحيل الزوار القادمين من الاعلان إليه. لكن سناب شات كسر هذه القاعدة.
سناب شات ليس الوحيد من كسر قاعدة الروابط في الاعلانات الرقمية، كذلك اليوتيوب، هنالك نوع من الاعلانات يكون هدفه الترويج للمنتج دون الحاجة إلى إحالة المستخدم إلى صفحة محددة، يظهر فيديو مدته 6 ثواني بشكل اجباري قبل الفيديو الأصلي ثم يرحل في حال سبيله بعد أن يكون قد غرس هدفه التسويقي في عقل المشاهد، هذا هو النمط التقليدي للاعلانات التلفزيونية.
اعلانات سناب شات عبر حسابات المشاهير جمعت حسنات التسويق التقليدي -مثل التلفاز- مع حسنات التسويق الرقمي، وأضافت حسنة جديدة وهي تجربة الاستخدام، وأصبح بإمكان أي مطعم أو مركز تجاري أن يعلن عبر بهذه الطريقة دون أن يمتلك موقعاً رقمياً، بدون روابط تتطلب أن يتم الضغط عليها، لهذا السبب؛ الكثير من أرباب الأعمال الواقعية -وليس الرقمية- سيفضلونه عن باقي أنواع التسويق الرقمي.
3. حيث الجموع الغفيرة
ليس جميع مستخدمي الشبكات الاجتماعية هم من مستخدمي هذا التطبيق، بل ان بعض الناس يكرهون سناب شات ولا يحبون سيرته، لكنه تقريباً هو التطبيق المحبوب والأكثر جذباً، قد يكون الشخص مشترك في العديد من الشبكات لكنه يقضي الوقت الأكبر بين يوميات سناب شات، هو الأقرب لحياة الإنسان وتجاربة وآرائه، ففي غيره من الشبكات يتوارى الشخص عن العيون بإسم وهمي أو صورة رمزيه، لكن في سناب شات لا شيء محجوب، وللأسف كلما عرض صاحب الحساب تفاصيل أكثر عن حياته الشخصية كلما زادت شهرة الحساب.
الشركات التي تريد نشر الاعلان تبحث عن التجمعات البشرية، أينما وجدت الحشود تجدها تزاحم في الصفوف تريد أن تحجز لها مقعداً في المنصة، كي يشاهدها الجماهير، كي يعرفوا عنها أكثر ومن ثم يُقبلوا على منتجاتها أو خدماتها، وبما أن سناب شات يعيش فترتة الذهبية، فإن الإقبال عليه كبير من قبل الشركات المُعلِنة، وكلما زاد الطلب ارتفع السعر.
4. قانون العرض والطلب
اعتقد أن من الأسباب الواضحة لهذه الأسعار المبالغ فيها هو زيادة الطلب وقلة العرض، طبعاً هنالك ملايين المستخدمين في سناب شات، وهنالك الكثير ممن لديهم عشرات أو مئات الآلاف من المتابعين، لكن الشركات تتزاحم فقط عند المشاهير الذين تعدوا المليون، وهم قلائل، لذلك فالطلب كبير على عدد قليل من الحسابات، العرض هنا يمثل تلك الحسابات المشهورة، والطلب والطلب يمثل تلك الشركات المُعلِنة، الطلب كبير والعرض قليل، لذلك: ترتفع الأسعار.
من المفارقات العجيبة، أن أسعار الاعلانات عند الحسابات متوسطة الشهرة هو معقول وفي متناول الجميع، قد تجد حساب مشاهداته 100 ألف يمكن الاعلان فيه بـ 200 ريال سعودي، فلماذا عندما تصل المشاهدات إلى المليون يقفز السعر أضعافاً مضاعفة، أليس من المنطقي أن يصل إلى 2000 ريال سعودي ؟ لماذا 20 ألف ريال ؟ أليس من الممكن أن يعلن رب العمل عند 10 حسابات من تلك المتوسطة بحيث يصل العدد الإجمالي إلى المليون؟
5. صعوبة الاعلان في التطبيق
يوفر لنا الفيسبوك نظاماً اعلانياً احترافياً يمكنك من الوصول للشريحة المستهدفة بشكل دقيق، كذلك هو الحال في تويتر، وأيضاً انستقرام، تلك الشبكات تتيح نظام الاعلانات لأي فرد او مؤسسة، كما أنها تتيح لك الاعلان بالقدر الذي تريد، بالميزانية التي لديك، لذلك الجميع قادر على الاعلان في تلك المنصات، لكن في سناب شات الأمر مختلف.
سناب شات لم تطلق بعد نظاماً إعلانياً مفتوحاً للجميع، صحيح أنها بدأت برنامجها الاعلاني في العام الماضي، لكنه بدأ على نطاق محدود وحتى الآن هو مفتوح عبر الشركاء وعبر الطلبات المسبقة، وفوق كل هذا يعتبر سعر الإعلان غالي جداً (50 ألف دولار فما فوق)، هذه المشكلة جعلت أصحاب الشركات والأعمال يلجأون إلى الحل الآخر، ألا وهو الإعلان في حسابات مشاهير السناب شات.
صحيح أن الاعلان بداخل يوميات الشخص المشهور أفضل من الاعلان خارجه، لكن فتح المجال للجميع بالاعلان عبر سناب شات مباشرة وبالميزانية التي يحددون سيؤدي إلى تخفيف الزحام وتخفيف الطلب على الاعلان عند مشاهير الـ”Social”، وبالتالي اختفاء الفقاعة التي ظهرت في الفترة الأخيرة.
أحدث التعليقات