أعادت شركة ون بلس OnePlus الصينية رسم معالم سوق الهواتف الذكية الذي كان مُقسّمًا إلى ثلاث فئات رئيسية وهي أجهزة مرتفعة الثمن بمواصفات عالية، وأجهزة متوسطة المواصفات والسعر، وأخيرًا أجهزة منخفضة السعر والمواصفات كذلك.
ون بلس أعادت خلط الأوراق وخرجت لنا بأجهزة بمواصفات عالية وأسعار متوسطة تميل إلى المنخفضة كذلك، وهنا بدأت الجماهير بتغيير نظرتها نحو الشركات الكبيرة على غرار آبل، وجوجل، وأخيرًا سامسونج، خصوصًا مع ظهور شاومي Xiaomi، وأوبو Oppo، وهي شركات تسير على خُطى ون بلس.
وفي 2017، هل يُمكن اعتبار أسعار سامسونج، وجوجل، وآبل، منطقية بغض النظر عن كون أجهزتها بمواصفات رائدة؟ أم أنها تسير على نهج الشركات التي تبني سُمعتها واسمها لفترة طويلة، لتتواكل فيما بعد وتفرض السعر الذي تراه مُناسبًا؟
طبعًا هذه التساؤلات مصدرها الأخبار التي تتناول تكلفة إنتاج الهواتف الذكية الرائدة، فمتوسط سعر إنتاج آيفون 7 على سبيل المثال يصل إلى 200 أو 225 دولار أمريكي تقريبًا. بينما تصل تكلفة بيكسل إلى 285 دولار تقريبًا، ليُباع فيما بعد بـ 650 دولار تقريبًا.
يجب أن نتّفق على أننا نعيش في عصر يُمكن لأي شركة فيه دخول عالم الهواتف الذكية وتأسيس علامتها التجارية الخاصّة؛ بمعالج سناب دراجون من شركة كوالكوم، وبكاميرا من شركة سوني، وبشاشة من إنتاج سامسونج، وبتصميم تقليدي من البلاستيك يُمكن لأي ورشة صينية إنتاجه نحصل على الهاتف القادم بكل سهولة.
المُشكلة التي ظهرت هي كثرة المنافسة، فمعظم الشركات تخلّت عن الإبداع وبدأت بالتنافس على مستوى الأسعار لتكسب ود شريحة أكبر من المُستخدمين، حتى شركات على غرار جوجل وسامسونج انتهجتا نفس الأسلوب على صعيد الهواتف الرائدة، ليتّضح لهم فيما بعد أنا هذا الأمر لن يأتي بثماره فيما بعد.
الثمار التي تبحث عنها شركات مثل آبل أو جوجل وسامسونج تختلف تمامًا عن ثمار أوبو أو ون بلس، فالأولى تُريد الاستثمار لفترة طويلة في السوق، وتطمح لاكتشاف الشيء القادم. في حين أن الثانية تبحث عن ذاتها، وتُريد العمل بالمثل القائل ” نمشي الحيط الحيط ونقول ياربّي السترة “، أي لا تريد أن ترفع رأسها للأعلى بسبب القناعة والاستسلام للواقع والرضا بحصّتها في السوق، وهو حق مشروع بكل تأكيد.
إنتاج هاتف بمواصفات عالية وبيعه بسعر 300 دولار لن يأخذ الشركة إلى مكان أبعد، بل ستسير مع التيّار، وأي تحويل في المجرى أو أي انقطاع، يعني أنها ستغور وتضيع سُدًا، والأمثلة على ذلك كثيرة. أما الشركات التقنية التي نراها مُصابة بالشجع بسبب هامش ربحها العالي فهي تأخذ ما تكسبه باليد اليُمنى، وتدفعه من جديد باليُسرى.
هامش الربح العالي يسمح لتلك الشركات بالابتكار، وتطوير تقنياتها الخاصّة التي ستسمح لها بتقديم أشياء مختلفة عن الموجود في السوق، فجوجل على سبيل المثال قرّرت تطوير مُعالجاتها الخاصّة في هواتف بيكسل، وكذلك الأمر بالنسبة للوحة الرئيسية والكاميرا، أي أن عائلة نيكسوس التي كانت من تطوير شركات مُختلفة لم تعد تأتي بثمارها، بل رأت أن نموذج آبل القائم على تطوير كل شيء بشكل داخلي أفضل بكثير، ويفسح مجالًا أكبر للابتكار. فلو تناولنا نيكسوس من جوجل لوجدنا أنها هواتف تتميّز عن غيرها في الغالب بأنها تستخدم نسخة خام من أندرويد، في حين أن بيكسل فيه معالج بقدرات قوّية لتشغيل المُساعد الرقمي Google Assistant، إلى جانب كاميرا بتقنيات متطوّرة غير مسبوقة.
سامسونج أيضًا سارت على نفس الخطى، فهي قرّرت تطوير معالجاتها الخاصّة بعد سنوات من الاعتماد على سناب دراجون من كوالكوم، وهذا ما سيسمح لها بالوصول إلى مراتب أعلى.
لن تقوى ون بلس أو أوبو مثلًا على تطوير مُعالجاتها الخاصّة لأنها لا تمتلك رأس مال يسمح لها التحرّك بحرّية، فمصيرها مُتعلّق بكوالكوم أو إنتل، وهذا أمر استشعرت إتش تي سي HTC به قبل فترة، ولهذا السبب قرّرت التركيز على هواتف بمواصفات رائدة فقط والابتعاد عن بقية الفئات، لأنها تشتّت أولًا، ووجدت أن هذا الأسلوب لن يضعها بين النخبة.
في النهاية السوق يتطلّب هذا وذاك، فلا يُمكن اعتبار هواوي أو شاومي مُخطئين، ولا يُمكن اعتبار سامسونج وآبل جشعين، فلكلٍ نموذجه الخاص، والفرق واضح، بل وسيتّضح أكثر لو انحرف التيار عن مجراه قليلًا، حينها يُمكن إدراك تأثير حجم الاتّكال على الغير بشكل كامل، ودخول السوق فقط رغبة في إثبات الوجود دون رؤية واضحة.
أحدث التعليقات