يضبط المايك، يجهز أدوات التسجيل، يحيي الضيف، ثم يبدأ معه حوار شيق مليئ بالمعلومات والفوائد، إنه الأخ ثمود بن محفوظ، صاحب البودكاست الصوتي (كلام) الذي يحاور فيه رياديين وأشخاص لهم علاقة بالعالم التقني، ويقدم للمستمع وجبة صوتية دسمة.
في العالم الرقمي يمكن أن تكون قارئ أو مشاهد أو حتى مستمع، المحتوى النافع يمكن أن يصل بأكثر من صورة، مايمز المحتوى الصوتي أنه سهل الحمل والتلقي، لا يحتاج إلى جو خاص أو تفرغ وقتي، يمكنك أن تستمع للحلقات الصوتية المفضلة لديك وأنت في الباص، تتمشى في الحديقة، أو تنتظر موعد دخولك أو وصول غدائك، هنالك الكثير من الفراغات في يومينا التي يمكن أن تسد بهذا النشاط المفيد والعادة الحميدة.
كثيراً ما نعيب أنفسنا بأننا أمة لا تقرأ، قد تكون القراءة صعبة، أو قد تكون الحياة هي الصعبة، تلك الحياة التي تطحن المواطن المسكين في رحاها، أعمال ومسؤليات كثيرة من أجل أن يعيش حياة كريمة، قد تكون القراءة أحد أشكال الترف، تلك الكتب تحتاج إلى ميزانية مالية للشراء وميزانية وقتية للقراءة، ومن أين له بهذا؟
الحل إذاً موجود، إنه في ثقافة البودكاست، تلك الحلقات الصوتية الدورية التي تعطيك المعلومة وأكثر، قد تجد فيها مالا تجده في أمهات الكتب، قد تجد فيها الخبرة العملية النابعة من تجارب إنسان في هذه الحياة، خلاصة العبرة المستقاة من كفاحه ونضاله في سعة لتحقيق هدفه، أو إنجاح مشروعه، كل تلك الفوائد الصوتية تأتيك بكل سهولة عبر هاتفك الذكي وعبر الانترنت الذي أصبح متاحاً للكثير من البشر على أرض المعمورة.
ماهو البودكاست
يسمى أيضاً (تدوين صوتي)، الإسم (Podcast) أتى نتيجة اندماج كلمتي (iPod)؛ ذلك الجهاز الصغيرة من أبل الذي تستمع من خلاله للموسيقى والملفات الصوتية، مع كلمة (Broadcast) التي تعني في العربية “بث”، يعتقد أن هذا الإسم قد ظهر لأول مرة بواسطة الصحفي “Ben Hammersley” في مقالة كتبها بعنوان “Audible revolution”
البودكاست عبارة عن ملفات صوتية متسلسلة، حلقات يتم إنتاجها بشكل دوري ويمكن للمستخدم الحصول عليها ببساطة عبر برامج وتطبيقات مخصصة تسمى “Podcatchers”، مثل تطبيق “آيتونز” الخاص بهواتف الآيفون، أو عبر التطبيقات المجانية في الأندرويد مثل تطبيق “Podcast Addict“.
تجربة شخصية
لم أكن أدري قيمة هذا الاختراع الإنساني العظيم (بودكاست) إلا بعد أن تعمقت في استخدامه خلال الأشهر الماضية، حيث أصبحت أستمع للعديد من البرامج الصوتية المتخصصة في عالم التقنية وريادة الأعمال لكن باللغة الانجليزية في إطار تطوير وتحسين اللغة واستثمار الوقت الضائع فيما يفيد، لكني صدمت من كمية الفائدة التي قد يجنيها الشخص من الاستماع للبرامج الصوتية، من المعرفة التي قد يجنيها عندما يتعود على على هذه العادة الحميدة.
يتعدى الأمر الفائدة المعلوماتية -تلك التي يمكن الحصول عليها عبر المواقع والمقالات- ويصل إلى استخلاص الخبرة الإنسانية التي هي أعمق وأثمن، فهنالك عدة برامج صوتية متخصصة في إجراء لقاءات صوتية مع عدة شخصيات في نفس مجالها، قد تجد برامج صوتية متخصصة في المجال التقني، تعقد لقاءات صوتية مع تقنيين لهم باع طويل وخبرة عميقة.
البود كاست العربي
للأسف نحن متأخرون كثيراً في هذا الباب، من جهة الإنتاج ومن جهة التلقي، نعم هنالك عدة بودكاستات عربية جيدة لكنها قليلة جداً مقارنة بالإنتاج الأجنبي والإنجليزي على وجه الخصوص، هنالك نمو جيد ومتسارع في المحتوى الرقمي العربي سواءً النصي أو المرئي، أما السمعي فهو للأسف متأخر ويحتاج إلى دفعة نحو الأمام، نحن هنا نريد أن تشيع ثقافة البودكاست، أن نرى الكثير ممن يتابعون الحلقات الصوتية التي تهمهم وتنمي معرفتهم، في الشارع وفوق الباصات، في المطاعم وغرف الانتظار، في كل فرصة متاحة يمكن استثمارها لمعرفة أكثر.
قد يقول قائل أنه لايوجد محتوى صوتي عربي أصلاً حتى نستمع إليه؟ لكن الحقيقة أن هنالك العديد من البرامج بالفعل، على سبيل المثال: موقع البودكاست العربي يحتوي على دليل لأهم حلقات البودكاست الصوتية العربية، هنالك مبادرات يجدر ذكرها هنا مثل مبادرة “صوت” التي تهدف لإثراء المحتوى العربي الصوتي، كما أن هنالك العديد من الخدمات المدفوعة التي توفر لك الكتب الصوتية.
عندما يصبح هنالك اهتمام بالمحتوى الصوتي، وعندما يتحول هذا الأمر إلى “ثقافة” وعادة منتشرة، سوف نرى العديد من البرامج الصوتية الجديدة تظهر وتقدم لنا الجديد والمفيد، لأن سوقاً رقمياً سوف يظهر وينبثق، حيث تتواجد الجماهير سيتواجد صناع المحتوى، ثم تتبعهم الشركات المعلنة التي ستشجع أصحاب المحتوى الصوتي على التنافس وتقديم الأفضل والأجود، هكذا هي الدائرة تدور وتعود بالنفع على الجميع.
لنخرج بخطوة عملية من هذه المقالة، إن كنت عزيزي القارئ لا تستمع للبرامج الصوتية ولا تهتم للـ”بودكاست” فحاول أن تدخل عالمه، أن تستمع لحلقة أو حلقتين كل يوم، إن كانت لغتك الإنجليزية جيده فهذا أمر عظيم، سوف تجد المئات من البرامج الصوتية المميزة في شتى المجالات، إن لم تكن كذلك فلا بأس، هنالك عدة برامج صوتية عربية جيدة موجودة في المصدر السابق وغيره من المصادر.
أحدث التعليقات