وضعت أخيرًا شركة أمازون قدمها في منطقة الشرق الأوسط وأعلنت عن إتمام صفقة الاستحواذ على موقع سوق.كوم لقاء مبلغ يتراوح ما بين 650 مليون دولار و800 مليون تقريبًا. أقول أخيرًا لأن المباحثات بدأت منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وتوقّفت أكثر من مرّة بسبب عدم الاتّفاق على القيمة النهائية.
ولم تكن أمازون الوحيدة الراغبة في كسب ود سوق.كوم، فالكثير من الشركات تقدّمت، لكنها كانت -على ما يبدو- الأكثر جهوزية على أكثر من صعيد، دون تجاهل أن الشركتين تعملان بنفس المجال، التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت.
صفقة من هذا النوع من المفترض أن تبعث نوع من التفاؤل بين أوساط الشباب العرب وأصحاب المشاريع كذلك، لكن القلق كان حاضرًا مع بعض المشاعر السلبية كذلك، فالبعض اعتبر أن استحواذ شركة أجنبية على شركة عربية ليس بالأمر الذي يجب أن نحتفل به، بينما ربط البعض الآخر بين أمازون وسوق.كوم من جهة، وياهو ومكتوب من جهة ثانية.
لن نُناقش القلق من استحواذ الشركات الأجنبية على العربية، لأن مثل مثل تلك المشاعر قد تقف خلفها الكثير من العوامل الشخصية بدرجة رئيسية، مع احتمالية وجود عوامل أُخرى قائمة على التحليل أو النظرة الريادية. لكن الأهم هو ربط استحواذ أمازون على سوق.كوم باستحواذ ياهو على مكتوب.
قبل أن تتقدّم ياهو للاستحواذ على مكتوب، قامت شبكة مكتوب بمجموعة من الاستحواذات الغير مفهومة أبدًا، فهي رغبت -على ما يبدو- في السيطرة على حصّة أكبر من الإنترنت العربي من خلال شراء بعض المُنتديات العربية المشهورة التي تمتلك يوميًا آلاف الزيارات، مع بعض المشاريع الأُخرى المُتخصّصة في مجال إنشاء المُحتوى، وهذا فقط لضّمها تحت جناح مكتوب دون أي فائدة لا للمشروع نفسه، ولا حتى لمُستخدمي وزوّار تلك المواقع.
أذكر تمامًا أن أحد المُنتديات التي كُنت أزورها بشكل يومي بدأت العمل تحت جناح مكتوب، لكن الأخطاء كانت كثيرة وخصوصًا أخطاء التشغيل؛ فمثلًا لم أكن قادرًا على تسجيل الدخول بسبب مشكلة في نظام تسجيل الدخول الذي دمج بين عضوية مكتوب وعضوية ذلك المُنتدى، وهو ما أدى إلى تركي للموقع دون رجعة أبدًا. طبعًا لم تكن هذه المُشكلة الوحيدة، لكن مشاكل على شاكلتها كانت موجودة.
ولم تقم شبكة مكتوب بتنظيم الوصول إلى المعلومات، صحيح أنها امتلكت في ذلك الوقت مجموعة كبيرة من المُنتديات، لكنها لم تفرزها على حسب التخصّص مثلًا لتسهيل الحصول على المعلومات. كما لم تقم بعرض أحدث المواضيع أو أهمّها في الصفحة الرئيسية لمكتوب على اعتباره البوابة الرئيسية، واعتبار البقية مشاريع ثانوية.
هذا عكس نوعًا ما التخبّط أو الخطة الغير مفهومة التي قامت بها مكتوب تجاه المشاريع العربية التي دُفن بعضها حيًّا. بمعنى آخر، أثقلت تلك المشاريع كاهل مكتوب بسبب عدم وجود خطة للاستفادة القصوى منها، وبالتالي بدت صفقة ياهو على أنها أمل جديد لشبكة مكتوب.
وقفت عوامل كثيرة خلف استحواذ ياهو على مكتوب، مثل وجود الكثير من العوامل خلف صفقة أمازون وسوق.كوم، لكن سوق.كوم يمتلك في الوقت الراهن خطّة تشغيل أثبتت نفسها، فالمتجر يعمل ويتوسّع، ويُضيف كذلك بين الحين والآخر منتجات حصرية بأسعار مُنافسة جدًا. عكس مكتوب الذي دخل بعد استحوذاته الغريبة في دوّامة.
تقرّب أمازون من سوق.كوم جاء رغبة في الدخول إلى سوق الشرق الأوسط بأقل التكاليف، فخبرة سوق.كوم طويلة في مجال التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما ترغب أمازون في الاستفادة منه بدرجة أساسية. أما ياهو، فهي جاءت بنفس الهدف أيضًا، لكن مكتوب كان يسير في اتجاه غير واضح في ذلك الوقت، وأنا استشهدت فقط بالاستحواذ على المُنتديات العربية.
ما سبق لا يعني أن مكتوب لم يكن ناجحًا، بالعكس، نفخر كعرب بوجود مثل تلك الجهود التي أوصلت مشاريعها للعالمية بغض النظر عن القرارات الخاطئة أولًا، أو عن التخبّط الذي كانت تعيشه ياهو، فقد تكون شبكة مكتوب مُنظّمة لكن استحواذ ياهو هو من أثّر عليها وبعثر الأوراق.
أما عن سوق.كوم، فهو كان بالأساس مشروعًا تحت جناج شبكة مكتوب لكنه لم ينضم لصفقة استحواذ ياهو وانفصل عن الشبكة، وهو ما سمح له فيما بعد بالوصول إلى قيمة سوقية تصل إلى مليار دولار أمريكي.
أحدث التعليقات