صحيح أنها شبكات للـ(تواصل)، لكنها في حقيقة الأمر تعيقنا عن التواصل الحقيقي مع من حولنا من بني البشر، مع الأهل والأصحاب والأقارب، فرسائل النسخ واللصق التي ترسلها إلى كل من لديك في الواتساب لا يعتبر تواصلاً، لكن التواصل الحقيقي هو عندما ترسل رسالة صوتية للشخص العزيز على قلبك تسلم عليه وتهنئة بالشهر الكريم، رسالة خاصة له وحدة، من كلامك وتعبيرك ومن داخل قلبك وليست (نشخ لصق) حينها يمكن لنا أن نسمي ذلك الفعل (تواصلاً).
ورغم أن هذه الشبكات يمكن أن تساهم في تعزيز التواصل بين البشر -إن هم أرادوا ذلك- لكن الأولى بنا في بداية شهر رمضان المبارك أن نركز أكثر على التواصل مع رب البشر، الله جل في علاه، من بيده الخير كله ,بيده ملكوت السماوات والأرض.
لكن المشكلة أن الملهيات والمشتتات قد زادت وكثرت وتشعبت في عصرنا الحديث، ما بين تلفاز تتسابق قنواته على جذب الناس إليه بالبرامج والمسلسلات التي أُنفِق عليها الملايين، وما بين تلك الشبكات التي هي موضوع حديثنا اليوم، التي تسرق علينا الكثير من الأوقات كل يوم ونحن نغوص في أعماقها، ونبحر في سواليف مستخدميها، فكيف لنا أن ننجوا من ذلك كله.
بخصوص هذه النقطة بالتحديد، يمكن أن نعتبر إنسان العصور القديمة أسعد حظاً منا، من كانت اهتماماته محصورة ومصادر معرفته بسيطة، من كان يعيش الحياة الهادئة الوديعة، ذلك الإنسان الذي كان يجد الكثير من الوقت كل يوم، أما في رمضان فلم يكن هنالك ما يشغله عن التقرب لخالقه ومولاه، لذلك فقد وُجد فيهم الأولياء والصالحين بكثرة، ورغم ذلك فالباب لم يغلق، والطريق متاح لكل مشمر، لكل من لديه عزيمة لإدارة حياته وضبط وقع خطواته، فالخطوة الأولى عليك، من داخل قلبك، وإليك بعض النصائح والتلميحات التي قد تعينك على بقية الخطوات للتعامل الحازم مع تلك الشبكات التي توصف بأنها “تواصلية“.
1. حدد وقت استخدامك مسبقاً
أنا أستخدم إضافة لمتصفح الكروم اسمها (1-click-timer)، تساعد هذه الإضافة على إدارة الأوقات عبر تحديد وقت مسبق قبل كل مهمة، تقوم ببساطة بالنقر على الأيونة الخاصة بها وتحديد الوقت المتوقع لإنهاء المهمة كي يظهر أمامك العداد التنازلي، وعند انتهاء الوقت سيظهر تنبيه وتسمع صوت خفيف يعلن لك إنتهاء الفرصة لإنجاز ذلك الشيء.
هي إضافة مفيدة تساعد على الإنجاز وتنمي لديك حس مراقبة الوقت، لكنها أيضاً مفيدة لإدارة أوقات اللهو والمرح والتجول في دهاليز الشبكات الاجتماعية، فإن كنت صارماً في الوقت عند العمل فلماذا لا تكون صارماً عند تصفح الفيسبوك أو قراءة آخر التغريدات في تويتر، لذلك، قبل كل دخول إلى شبكة من تلك الشبكات، حدد الوقت، واضبط المنبه، وخذ راحتك بعدها حتى تسمع صوت الجرس، حينها أغلقه مباشرة دون تردد، تعود على هذا الأمر وأعدك أن النتائج ستكون مذهلة.
2. أنشئ اختصارات للفيسبوك
البعض يستخدم رسائل الفيسبوك للتواصل مع الزملاء أو تكوين مجموعات لتسهيل التواصل بين فريق العمل، والبعض الآخر لديه صفحات يديريها أو مجموعات يشارك فيها، الفيسبوك ليس الصفحة الرئيسية فقط، رغم أن تلك الصفحة هي أكثر ما يسرق الوقت، لذلك فليس من الضروري المرور بها في كل مرة نود الدخول للرسائل أو إلى صفحة أو مجموعة.
بكل بساطة، انقر على النجمة في متصفح الكروم لإضافة الصفحة إلى مجلد الإشارات، ليكن مجلداً فرعياً خاصاً بصفحات الفيسبوك التي تزورها باستمرار، كي لا تضطر للمرور بالصفحة الرئيسية، أو يمكن إضافة اختصارات في سطح المكتب أو في الهاتف المحمول للنقر عليه والذهاب مباشرة إلى الصفحة التي تديرها أو المجموعة التي تنشط فيها دون المرور بصفحة الفيسبوك الرئيسية التي قد تغريك بمنشوراتها الجديدة.
3. شاهد الفيديو بالحجم الكامل في اليوتيوب
في اليوتيوب المشكلة أكبر، فقد تقضي نصف دقيقة لقراءة منشور فيسبوكي وبضع ثوانٍ لقراءة تغريدة تويترية، لكنك ستنفق 5 أو 10 دقائق لمشاهدة فيديو واحد داخل أروقة اليوتيوب، بضع فيديوهات تتنقل بينها من واحد إلى الآخر تسرق من وقتك ساعة أو أكثر، الزمن داخل اليوتيوب يمضي سريعاً أسرع منه في بقية الشبكات، لذلك يجب أن نكون أكثر حزماً عند تعاملنا مع هذه الشبكة في شهر رمضان الكريم.
إحدى التلميحات البسيطة في فكرتها والعظيمة في أثرها، هي أن تتعود أن تشاهد الفيديو بملئ الشاشة، نعم هذا هو الأمر بكل بساطة، هذه العادة يمكن أن توفر عليك الكثير من الوقت، فكما نعلم أننا ننهزم غالباً امام تلك الاقتراحات التي يقدمها لنا النظام والتي ترتص تحت بعضها بجانب الفيديو، وما إن يصل الفيديو الذي نشاهده إلى النهاية حتى تقع أعيننا على أحد تلك الفيديوهات فيغرينا بعنوانه أو بصورته فننقر عليه ثم نقضي معه بضع دقائق، وهكذا من فيديو إلى آخر ويصبح الخروج من تلك المتاهة أمر يصعب القيام به.
4. أنشئ حساب سناب شات جديد
تطبيق سناب شات مصمم في الأساس كي يحافظ على وقتك، فالمحتوى الذي يمكن مشاهدته هو ما تم نشره حديثاً خلال الساعات الماضية، لايوجد سلسلة غير منتهية من المنشورات أو مجرة كاملة من الفيديوهات (مثل اليوتيوب) تشاهد وتشاهد حتى تصل إلى آخر سنابة في آخر حساب تتابعه في القائمة ثم تخرج سالماً، إلى هنا والأمر جميل، لكن المشكلة هي عندما يكون لديك في القائمة الكثير من الحسابات التي تتابعها والأشخاص الذين تنتظر جديدهم.
لن أقول لك احذفهم، لكن أجّلهم إلى ما بعد رمضان، لذلك فأحد الحلول هو أن تنشئ حساب سناب شات آخر في نفس التطبيق (أو عبر التطبيقات التي تسمح لك بفتح أكثر من حساب في نفس الوقت مثل تطبيق Parallel Space) وتشترك في بعض الحسابات القليلة لأشخاص تستفيد منهم في رحلتك الرمضانية، القليل يكفي، من تأخذ منه الموعضة الحسنة والكلمة الطيبة وتمضي في رحلة الصعود.
5. تلقى أهم التغريدات فقط
رغم أن تطبيق تويتر هو أقل تطبيق يمكن أن يسرق الوقت في رمضان وغير رمضان، إلا أنه يمكن الاستفادة من خاصية اشعارات البريد الإلكتروني التي تقوم بإرسال تقرير بالتغريدات المهمة كل يوم -أول كل أسبوع- عبر الإيميل، يمكن تفيعل الخاصية أو إيقافها من صفحة (Email notifications) داخل صفحة الإعدادات في الموقع، حيث يوجد خيار اسمه (Top Tweets and Stories) يمكن تفعيله وتحديد نوع الإرسال إما يومي أو أسبوعي، وبالتالي أنت غير مضطر للدخول إلى حسابك في تويتر لمعرفة الجديد، يكفي أن تبقى على اطلاع على أهم ما قيل ونشر في تلك الشبكة.
6. أوقف التنبيهات في الهاتف
تقرأ القرآن في سكينة وهدوء، تندمج مع الأيات والأحداث، فإذا بتنبيه يقطع عليك خيط التأمل والخشوع، رسالة من صديق أو كلام منسوخ في مجموعة في الواتساب، بإمكانك إيقاف تنبيهات أي مجموعة حوارية في تلك التطبيقات أو إيقاف التنبيهات عن التطبيق بالكامل، صدقني لن يفوتك الكثير ولن تضيع عليك الفرص الثمينة.
- طريقة إيقاف تنبيهات التطبيقات في هواتف الأندرويد
- طريقة إيقاف تنبيهات التطبيقات في هواتف الآيفون
7. أيقف متابعة الأفراد والصفحات في الفيسبوك
الفيسبوك يتيح لنا خيارات أكثر للتحكم في المحتوى الذي يصل إلينا، حيث يمكن أن تبقي على صداقتك مع أشخاص لكن في نفس الوقت تلغي متابعتك لهم، إن كنت لا تريد أن يصلك أي شيء منهم، كما يمكن الاستمرار بالاشتراك في صفحة من الصفحات (عبر زر الإعجاب) مع إيقاف المتابعة، وبالتالي أنت قادر على تشكيل المحتوى الذي تشاهده أمامك في الصفحة الرئيسية للفيسبوك كلما دخلتها أو مررت عليها.
مع بداية رمضان، حاول أن توقف متابعتك للأشخاص والصفحات التي تنشر المحتوى السلبي أو الذي قد يؤثر على صيامك بأي شكل من الأشكال، وأبقي على من تستفيد منه بكلمة طيبة أو خاطرة صادقة، حتى يكون الفيسبوك معيناً لك لتحقيق هدف القرب من الله والاستزادة ليوم المعاد.
أحدث التعليقات