أطلقت “أبل” جهازها اللوحي الشهير الآي باد في عام ٢٠١٠ لتبني على نجاح نظام تشغيل iOS، وتنتقل بتلك التجربة الى بيئة الأجهزة اللوحية، والتي كانت تُمثل فئة جديدة ومتنامية الشعبية من الأجهزة في ذلك الوقت.
بمرور السنوات، تغيرت صورة سوق الأجهزة الإلكترونية في العالم بزوايا عدة، فمن جهة إكتسبت الهواتف الذكية شاشات أكبر حجما ووظائف جديدة وعديدة تتجاوز المفهوم التقليدي للهاتف المحمول، ومن جهة أُخرى فقدت الحواسب المحمولة الكثير من الوزن والحجم لتُصبح أخف وزنا وأقل حجما وأسهل حملا. ساهمت تلك المُتغيرات معا في تقلُص السوق الخاص بالأجهزة اللوحية، بعد أن إستحوذت على الكثير من إستخداماتها الحاسبات المحمولة خفيفة الوزن والهواتف الذكية كبيرة الحجم.
بينما إتجهت بعض الشركات المنتجة للحاسبات والأجهزة اللوحية الى تقديم حاسبات محمولة تعمل باللمس لتحل محل الأجهزة اللوحية التقليدية وتُقدم وظائف أكثر بإنتاجية أكبر، فإن أبل حافظت على هوية الآي باد بدرجة كبيرة دون إحداث تغييرات جذرية فيما يتعلق بما يُمكن لهذا الجهاز اللوحي أن يُقدمه من وظائف.
في نهاية العام ٢٠١٥، والربع الأول من عام ٢٠١٦، قدمت أبل إصدارين من فئة جديدة من أجهزة الآي باد تحمل إسم iPad Pro، ويُعد أبرز ما تتميز به هو إمكانية توصيل لوحة مفاتيح حقيقية وإستخدام القلم للرسم على شاشة الجهاز. وفي حين لم يُقدم الجهاز الجديد حزمة كبيرة من المزايا المُضافة فيما يتعلق بالإنتاجية، إلا أن السبب في ذلك لم يكن يتعلق بالجهاز بقدر ما كان يتعلق بنظام التشغيل iOS الذي ظل حتى تلك اللحظة يحمل روح الهواتف المحمولة أكثر مما يميل الى الإقتراب من كونه جهاز حاسب فعلي.
بإطلاق الإصدار الحادي عشر من نظام التشغيل iOS من خلال مُؤتمر WWDC الأمس بالإضافة الى إصدار جديد من جهاز iPad Pro، أقبلت الشركة للمرة الأولى فعليا على خطوات جادة لترقية الآي باد من كونه مُجرد جهاز لوحي مُساعد ليقترب أكثر الى فئة الحاسبات المحمولة. شملت التحديثات التي لحقت بنظام التشغيل واجهة إستخدام جديدة لجهاز الآي باد تُقدم للمرة الأولى شريط المهام Dock المُستخدم في أجهزة الماك بوك، وكذلك تطبيق Files لإدارة الملفات والذي يُتيح للمرة الأولى مُنذ إطلاق نظام iOS إمكانية التحكم بملفات الجهزة وتصنيفها وترتيبها كما هو الحال مع أي نظام تشغيل للحاسبات المحمولة، بالإضافة الى تعديلات عديدة تجعل تجربة الإستخدام بشكل عام أكثر قُربا الى إستخدام الحاسبات المحمولة.
بإتمام تلك الخطوة تكون أبل، في تقديري، قد وجدت الطريق الصحيح الذي ربما يُحافظ لأجهزة الآي باد على حصة سوقية حقيقية في المُستقبل القريب. فالمُستخدم اليوم لم يعد يبحث عن أكبر عدد من الأجهزة الإلكترونية، ولكنه أصبح أكثر إهتماما بتوحيد ما يُمكنه القيام به من مهام في جهاز ذكي بإنتاجية عالية. اليوم بدأت بالفعل الحواجز بين الآي باد وأجهزة الماك بوك في التلاشي، ورُبما تشهد الأعوام القليلة القادمة إنضمام الiPad Pro الى عائلة الماك بوك كحاسب محمول خفيف الوزن يعمل باللمس.
أحدث التعليقات