أعلنت مايكروسوفت قبل فترة عن مبادرة جديدة رفقة شركات على غرار كوالكوم وإنتل تطمح من خلالها لأن تكون الحواسب دائمًا على اتصال بالإنترنت (Always Connected PCs)، فهي لا تنوي أن تعتمد الحواسب على شبكات واي-فاي فقط، بل ترغب بأن تكون قادرة على الاتصال بشبكات الجيل الثالث أو الربع بشكل دائم.
ومن هذا المُنطلق، قرّرت كوالكوم تطوير معالجاتها لتكون قادرة مُستقبلًا على تشغيل ويندوز 10 دون مشاكل، وبما أن تلك المعالجات مُصمّمة بالأساس للعمل على الأجهزة الذكية، فإن تضمين شريحة للاتصال بشبكات الجيل الثالث أو الرابع لن يكون بالأمر الصعب أبدًا.
ومن هنا، بدأ الحديث عن مُصطلح الشريحة الإلكترونية eSIM التي هي في الحقيقية اختصار لـ embedded SIM، أي الشريحة المُدمجة أو المُضمّنة داخل الجهاز، وهو مُصطلح ليس جديد كُليًّا، فسامسونج وآبل تستخدماه منذ فترة تصل إلى عامين أو ثلاثة تقريبًا.
بشكل عام، نحتاج في الهواتف الذكية لاستخدام شريحة SIM للاتصال بالشبكة والاتصال بالإنترنت أو إجراء المُكالمات، ومع تغيير الشبكة أو الجهاز نحتاج لتغيير الشريحة. كما أن الانتقال من بلد للآخر يعني أن المُستخدم بحاجة لشراء شريحة جديدة قد لا تكون متوافقة مع هاتفه للاتصال بالإنترنت وتقليل تكاليف التجوال Roaming.
وبعيدًا عن تلك المشاكل، فإن مُصنّعي الهواتف أصبحوا يحاربون للحصول على مساحة إضافية داخل الجهاز للاستفادة منها في تضمين أو تحسين تقنية ما، فشركة آبل مثلًا تخلّت عن منفذ السمّاعات التقليدي 3.5mm واستفادت من مساحته في تطوير تقنيات ثانية تجعل أداء الجهاز أفضل. ونفس الأمر قامت به شركات ثانية على غرار غوغل التي تخلّت عن خاصيّة الشحن اللاسلكي في هواتف بيكسل.
الآن وبالعودة إلى مفهوم مايكروسوفت ورغبتها في تضمين شرائح للاتصال بشبكات الاتصال، فإنه ليس من المنطقي أن تزوّد الحواسب بمكان لإدخال شريحة الاتصال الصغيرة على غرار الهواتف الذكية. وبناءً على المشاكل السابقة جاء الحل عبر الشريحة الإلكترونية أو المُدمجة بداخل الجهاز.
تلك الشريحة بالأساس ليست حقيقية، أي ليس لها شكل شرائح الاتصال التقليدية، بل هي شريحة إلكترونية موجودة على اللوحة الرئيسية للجهاز يتم الكتابة عليها من قبل شركات الاتصال عن بُعد؛ أي أن المُستخدم يقوم بتزويد الشركة بالرقم المُتسلسل، أو المُعرّف، الخاص بالشريحة لتتم برمجتها عن بُعد وتأمين اتصالها بالشبكة بأبسط جهود مُمكنة.
هذه التقنية تسمح بدورها بتأمين اتصال الأجهزة الصغيرة بالإنترنت طوال الوقت، فالمصباح لا يوجد فيه مكان لاستخدام شريحة اتصال عادية. لذا فاستخدام شريحة إلكترونية صغيرة لا تتعدى أبعادها 10 ميلّي متر، أمر منطقي.
ابتكار شريحة من هذا النوع ليس بالأمر الصعب، لكن الأصعب هو أن تكون داعمة للشبكات، والأهم هو أن تدعمها الشبكات بالأصل. وهنا يأتي دور منظّمة GSM المسؤولة عن وضع المعايير الأساسية للاتصال، والتي تقوم بتنظيم هذا الأمر من خلال طرح معايير قياسية لاتّباعها عند إنتاج تلك الشرائح، ومعايير قياسية لتقوم الشبكات بدعمها من أجل إكمال الحلقة وتوفير اتصال بالشبكات دون الحاجة لاستخدام شريحة SIM تقليدية.
سامسونج في ساعات Gear S2 استخدمت الشرائح الإلكترونية، وهي أجهزة صعب أن تُخصّص فيها مساحة لاستيعاب شريحة تقليدية، وبالتالي استفادت الشركة من الشرائح الإلكترونية وقضت على المُشكلة بسهولة تامة.
نفس الأمر قامت به آبل في آيباد برو عندما طرحت شريحة إلكترونية تسمح لمستخدمي تلك الأجهزة الاشتراك بالإنترنت حسب الحاجة، أو التجوال بين بعض الشبكات دون تكاليف إضافية؛ فعند انتهاء الحزمة، يُمكن من خلال الإنترنت الدخول إلى أي مزوّد خدمة يدعم الشرائح الإلكترونية وكتابة رقم الشريحة أو مُعرّفها الخاص ومن ثم دفع تكاليف باقة جديدة، وهنا لن يكون المستخدم أسير شركة مُحدّدة.
مع مرور الوقت ستبدأ مُعظم الشركات بتوفير دعم للشرائح الإلكترونية، وقد تتخلّى عن الشرائح العادية خصوصًا أن الهدف هو تقليل مساحتها قدر المُستطاع، فبعد سنوات من استخدام شرائح الاتصال العادية، تم الانتقال لاستخدام شرائح ميني، ثم مايكرو، وأخيرًا نانو. ومن يدري قد يظهر معيار جديد في القريب العاجل، إلا أن استخدام الشرائح الإلكترونية أكثر منطقية إذا ما نجحت منظّمة GSM وشركات الهواتف الذكية بإيجاد المعادلة التي تُرضي مُزوّدي خدمات الاتصال، لأن ترك المُستخدم دون أية قيود أمر سيُلحق الأذى بعائداتهم بكل تأكيد.
أحدث التعليقات