كثّفت كُبرى الشركات التقنية على غرار فيسبوك، وتويتر، وغوغل، من جهودها في الآونة الأخيرة لمحاربة الأخبار الكاذبة ومنعها من الانتشار كالنار في الهشيم. تلك الجهود تزامنت مع مجموعة كبيرة جدًا من المُبادرات والمواقع التي تسعى لنشر المحتوى أيًا كان نوعه، فبعد سنوات من التركيز على محاور ثابتة، أصبح بالإمكان العثور على مقالات وأخبار تتناول مواضيع مُختلفة باللغة العربية.
الفرحة لم تكتمل وهذه المرة بسبب جهود ومبادرات صعّبت المهمّة، فمنصّة يوتيوب مثلًا منعت أصحاب القنوات الصغيرة من استخدام الإعلانات والاستفادة ماديًّا من نشر المقاطع، ووضعت شرط واحد ينص على تجاوز عدد المُشاهدات 10 آلاف مُشاهدة.
فيسبوك بدورها بدأت بمنع ظهور الروابط التي تقوم بعض الحسابات بمشاركتها، خصوصًا تلك الحسابات التي تنشر الكثير من الروابط بشكل يومي، وهذا يعني أن احتمالية وصول المُحتوى لشريحة أكبر أصبحت تحت تهديد فيسبوك وخوارزميات جديدة بحاجة لأكثر من مراجعة حتى تعمل بالشكل الأمثل.
وما فيسبوك ويوتيوب إلا أمثلة بسيطة وجزء صغير من المبادرات التي تسعى للحد من انشار المُحتوى الإعلاني أو الدعائي، أو المحتوى الخبيث الذي يسعى لنشر الأخبار الكاذبة. ليبقى السؤال الرئيسي بالنسبة للجميع، كيف يُمكن حماية المحتوى وضمان وصوله للشريحة المُستهدفة دون مشاكل ودون أن يتعرّض لرقابة الخوارزميات التي لم يُعرف خيرها من شرّها.
الإجابة تكون عبر إتمام أكثر من خطوة، فإلى جانب المحتوى الأصلي الغير منسوخ، والصور ذات الحقوق المفتوحة وما إلى ذلك، هناك حل تقني قد يُساهم ويُساعد أصحاب المواقع في ضمان عدم وصول مقالاتهم أو أخبارهم إلى مقص الرقابة، وهو حل مُتشابه تقريبًا في الآلية، لكنه يختلف من منصّة للثانية.
التركيز الأول يجب أن يكون على غوغل لأن مُحرّك البحث يقوم بأرشفة المحتوى باستمرار، وهذا سيُساعد على ضمان وصول شريحة أكبر للموقع دون جهود للتسويق المُستمر. غوغل وفّرت ما يُعرف بصفحات الموبايل المُسرّعة AMP، وهو مشروع يقوم الناشر من خلاله بتنسيق محتواه ليتوافق مع معايير الخدمة من غوغل، لتتم أرشفته فيما بعد وفق آليات جديدة تضمن تحميله بسرعة كبيرة.
مشروع الصفحات المُسّرعة يقوم بأرشفة الأخبار، أو المحتوى بشكل عام، بطريقة توفّر وقت تحميله، فبمجرد الضغط على نتيجة البحث يتم عرض المحتوى فورًا دون الحاجة للانتقال من موقع للثاني.
عند البحث في غوغل الآن قد يلحظ المستخدم وجود شعار الخدمة مع كلمة AMP، وهذا يدل على أن الصفحة ستعرض فورًا ولن يتم نقل المستخدم للموقع. تفعيل هذا الأمر مُمكن من خلال تعليمات ومقالات تعليمية توفّرها غوغل في موقع الخدمة الرسمي. ولتبسيط الفكرة، صاحب الموقع بحاجة لاستخدام بعض الوسوم الخاصّة التي تسمح لعناكب غوغل بالتوغّل وأرشفة المحتوى بالشكل الأمثل.
في فيسبوك لا يختلف الأمر كثيرًا، فالشركة أعلنت عن خدمة المقالات الفورية Instant Articles، وهي خدمة بنفس مبدأ الصفحات المُسرّعة وتهدف لعرض المحتوى ضمن تطبيق فيسبوك نفسه ودون الحاجة للانتقال من موقع للآخر.
الشركة أفردت كذلك قسمًا خاصًّا للراغبين بتطوير مواقعهم لتدعم الخدمة، مع شرح المعايير والمُمارسات الواجب اتّباعها لضمان الوصول إلى المحتوى دون عوائق.
أخيرًا، سار تطبيق تيليغرام Telegram على خُطى البقيّة وأعلن عن خدمة العرض الفوري Instant View، وهي خدمة أيضًا تقوم بعرض محتوى الرابط دون الحاجة لفتح الموقع. لكن تلك الخدمة للأسف ما زالت محدودة من ناحية الدعم، فالشركة تختبرها مع بعض الشُركاء على غرار TechCrunch. عند نسخ أي رابط من موقع TechCrunch ولصقه في تيليغرام ستلاحظ ظهوره ضمن إطار مع وجود زر للقراءة الفورية.
اتّباع تلك المعايير من شأنه إعطاء فكرة لخوارزميات فيسبوك أو غوغل حول جدّية القائمين على الموقع والمحتوى. كما أن قبول المواقع لأرشفتها عملًا بالمعايير الجديدة ليس عشوائي، أي أن فيسبوك ستوافق عليه لأرشفته عملًا بخدمة المقالات الفورية. وهذا يعني طبقة إضافية من الوثوق قد تكون كفيلة بإخراجه من تحت مطرقة الخوارزميات الجديدة.
أحدث التعليقات