وكما سبق وذكرت فإنه لا وجود لعقود عمل تربطهن بمشغليهن، زد على ذلك أن أغلبهن لا يتوفرن على الحد الأدنى من الأجور، كما لا يتم التصريح بهن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ويعود سبب هذا الواقع المؤسف، وفق الشهادات التي استقيتها، إلى مشكل الهشاشة القانونية؛ فالكثير من العاملات لا تتوفرن على وثائق هوية لأن آباؤهن وأمهاتهن تزوجوا بـ”الفاتحة”. وبالتالي لا توجد في هذه الحالة عناصر الهوية القانونية كشرط أساسي من أجل الولوج للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
هنا لا يفوتني الإشارة إلى “الوقَّافْ”، الذي يعتبر فاعلا أساسيا في هذه المنظومة، لكونه هو من يختار العاملات ومن يتكلف بأداء أجورهن، ولديه سلطة مطلقة في هذا الباب. وقد يحدث أن يتحرش بإحداهن، وحينما تقاومه وتصده، يقوم بتسريحها مباشرة ولا يختارها في اليوم الموالي.
أشير إلى أنه عندما أطلقت الدولة برنامجا لتوثيق الزواج في العديد من قرى ومداشر المملكة، استغلت الجمعيات هذه الخطوة في اتجاه حل إشكالية الهشاشة القانونية، لصالح فئة العاملات بضيعات الفواكه الحمراء، وذلك في إطار شراكة بين المجتمع المدني والسلطات المحلية والقضاء. وعليه فقد سويت الوضعية الاجتماعية للعديد من العاملات بمنطقة الغرب وسيدي بوسلهام والعرائش، بل الأكثر من ذلك بعدما صرن مواطنات بهوية، أصبحن يشتغلن في الحقول الإسبانية ويفضلنها أكثر.
* هل تلعب النقابات دورا في الدفاع عن حقوق هذه الفئة؟
* نتائج التحقيق الذي فتحته السلطات المختصة لتحديد أسباب تفجر بؤرة “لالة ميمونة”، مازالت لم تر النور بعد. لكن الدراسة التي أنجزتها قد تسعفنا في الإحاطة ببعض تفاصيل الوضع بالمنطقة، ما هي ظروف اشتغال عاملات الفراولة؟
مقابل ذلك، أسجل الدور الهام الذي يقوم به النسيج الجمعوي، لكنه طبعا لا يعوض عمل الفعاليات النقابية التي تُعنى بمشاكل العمال والدفاع عن الشغيلة.
* لا يوجد في المغرب قانون يؤطر نشاط العمال الموسميين.. ما هو السبب في نظرك؟
بعدما اكتشفنا ضمن الجزء الأول من حوارنا مع الخبير في القانون الاقتصادي والاجتماعي، جواد بنعيسي، أن كل مولودة أنثى بمنطقة الغرب، سيدي بوسلهام والعرائش، هي مشروع عاملة فراولة؛ يعود بنعيسي في هذا الحيز ليقربنا أكثر من ظروف اشتغال العاملات بضيعات جني الفواكه الحمراء بالمناطق المذكورة، مؤكدا أن غياب مبادرة تشريعية تضمن لهذه الفئة العريضة من المجتمع المغربي كرامتها، مرده افتقاد الأحزاب السياسية لكفاءات وأطر تساعدها في التقدم بمقترحات قوانين تكون مقبولة شكلا ومضمونا.
هناك فراغ قانوني كبير في تأطير العمل الموسمي في المغرب، لذا أرى أن ملأه يستوجب أن يُشكل ورشا عاجلا للحكومة، لأنه يدخل في صميم حقوق الإنسان. فالحاجة إلى وجود تأطير قانوني كبيرة جدا، بالنظر إلى كون أعداد العمال الموسميين سواء في القطاع الفلاحي أو السياحي، تشكل فئة عريضة من المجتمع وعددها يقدر بالملايين.
- تحدثنا عن مسؤولية وزارة الشغل في غياب تشريع يؤطر العمال الموسميين، لكن من صلاحيات الفرق برلمانية التقدم بمقترحات قوانين. لماذا في نظرك لم تقم الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، إلى حدود اليوم، بمبادرة تشريعية لصالح هذه الفئة التي تعاني في صمت؟
أحدث التعليقات