وعن الهوية دائما، تقول ليلى “لا أدع نفسي حبيسة الهويات”، “لقد شعرت دائما بأني فرنسية مئة بالمئة ومغربية مئة بالمئة، لذا لم أواجه مشكلة في ذلك مطلقا، وبنظرات الآخر فأنا لا أهتم”.
أي من كتبها يرضيها أكثر ؟ الجواب : “لا أحد”، تؤكد الروائية المغربية الفرنسية، لأن “الكتابة دائما محبطة”، لا يكتب الكاتب حقا كل ما يود أن يكتبه…
من روايتها “حديقة الغول” (2014) المتوجة بجائزة “فلور” وجائزة المامونية، و”أغنية هادئة” المتوجة بجائزة “غونكور” (2016)، تكون سليماني ثالث أديب عربي يفوز بمثل هذه الجائزة بعد الطاهر بن جلون وأمين معلوف، وقبل ذلك أصدرت كتاب “خليج الداخلة: التشرد المسحور بين البحر والصحراء”، ورواية “الشيطان يكمن في التفاصيل”.
أما قائمة مؤلفيها المفضلين”فتعج” بكبار الروائيين من فرنسا وروسيا وأمريكا الجنوبية، وأيضا إفريقيا مثل ماريز كوندي، تتابع ليلى السليماني في هذا اللقاء مع الجمهور التركي، مؤكدة أنها قريبة من تعاطي الكاتب التركي المعروف أورهان باموق مع تيمة الهوية.
“أن تصبح كاتبة أروع تجربة إنسانية يمكن أن تعيشها، وهو الإحساس ذاته عند تتويجي بجائزة “غونكور” في بداية مسيرتي الأدبية سنة 2016، دون أن أريدها أو أتطلع إليها”، تقول هذه الروائية، هو نجاح تنسبه، مرة أخرة، لمفاجآت “القدر”.
بشجاعة يكشفها قلمها الصحفي، تؤكد ليلى سليماني أنه على المبدع أن يكتب دون أن يخشى حكم الآخرين، وأن يتخلى عن تلك الرغبة في أن يكون محبوبا أو مفهوما، “لأننا نكتب لإزعاج القارئ، وليس لإرضائه، فنحن نلجأ للأدب للتعبير عما يخالجنا من أفكار وأحاسيس متضادة، ولا نقوى على التعبير عنها في الحياة الواقعية”.
وعن بدايتها، تحكي الروائية الشابة، المشهود لها بالجرأة في الكتابة الصحافية والأدبية ودفاعها عن حقوق المرأة، ومحاربتها للفكر الديني المتطرف والعنصرية، أنها شاركت في الثلاثينيات من عمرها، في ورشة عمل للكتابة. وقررت، بتشجيع من الناشر جان ماري لاكلافيتين، أن تقتحم عالم الإبداع الأدبي، وتتوقف لبعض الوقت عن ممارسة مهنة الصحافة لم يكن سهلا لولا أن جرفها تيار الكتابة.
“بغض النظر عن اختياراتنا، هناك دائما مواقف ولحظات في حياتنا لا يمكن تفسيرها، خارجة عن سيطرتنا، تأبى لبوس العقلانية ولا يمكن ردها إلا لمفهوم “القدر”، هكذا وصفت الكاتبة الفرنسية المغربية ليلى سليماني ولوجها لعالم الكتابة.
وتضيف الكاتبة الشابة “ثقافتنا ليست كتلة متجانسة، نحن نتطور معها ونجعلها تتطور”، و”كل ثقافة هي بالضرورة متعددة”، وهنا تستحضر الجزء الأول من ثلاثية “بلد الآخرين”، حيث الجدة الألزاسية “ماتيلد”، التي وقعت في نهاية الحرب في حب الجندي المغربي “أمين”، الذي حارب في الجيش الفرنسي وانتقلت للعيش معه في المغرب، لكن المجتمع في ذلك الوقت لم يكن متسامحا مع زوجين مختلطين …
ليلى سليماني حاصلة على “وسام الفنون والأدب الفرنسي من درجة ضابط”، وكان عينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية للفرانكفونية.
ترى ليلى سليماني في الرواية مساحتها الآمنة التي تمارس فيها طقس الحرية في التعبير عن أفكارها والدفاع عن مواقفها، تارة عبر الأماكن والأزمنة والأحداث، وتارة أخرى من خلال نفسية الشخوص واختياراتهم ومواقفهم. ومن المواضيع التي توصف ب”الحساسة”، اختارت الحرية والهوية، والحياة الجنسية للمرأة، وخيبات الزواج وصعوبات الأمومة؛ تغوص في عوالم شخوصها، وتتحدث بمشاعرهم الأكثر حميمية.
ليلى سليماني، التي حلت ضيفة على الصالون الأدبي الشهري للمعهد الفرنسي بإسطنبول، ترى في ولوجها عالم الأدب “شكلا من أشكال اللاوعي”، و”ضربا من الجنون”.
بقلم :لمياء ضاكة و.م.ع
أحدث التعليقات