ففي ما يخص التسعيرة، اقترحت اللجنة شكلين، الأول يتمثل في الرفع التدريجي لتعريفات الماء المطبقة على جميع المستعملين لضمان مقابل لخدمات التعبئة. ويمكن في هذا الصدد للدولة أن توقف دعم المؤسسات العمومية المكلفة بالتوزيع وصيانة الشبكات وتتكلف مباشرة بدعم أشطر الاستهلاك الاجتماعية للمواطنين ذوي الدخل المحدود.
أما المكون الثاني للمشروع فيهم البنيات التحتية لتعبئة المياه، من خلال إحداث مقابل خدمات هذه البنيات للاستجابة للحاجيات الكبيرة من الاستثمار، والتخفيف من الاختلالات في اختيار الاستثمارات والناجمة عن مجانية خدمات السدود والري.ويشير المكون الثالث إلى ضرورة الفصل مالياً بين قطاعي الماء والطاقة بإجراء إصلاح عميق للمكتب الوطني للماء والكهرباء، إذ أشارت اللجنة إلى أن هذه العملية ستجعل الفرعين مستقلين ونموذجهما المالي أكثر شفافية.
وينتظر من الوكالة أن تعالج إشكالية الماء في إطار منهجية مندمجة من التعبئة إلى الاستعمال، وتحديد توزيع الموارد المائية وفقاً لتوجيهات المجلس الأعلى للماء والمناخ، وهو ما يتطلب إعادة تفعيل هذا المجلس وتعزيز اختصاصاته، وتعزيز الاستقلالية المالية والتقنية لوكالات الأحواض المائية.
ومن أجل رفع التحدي المستقبلي لهذه المادة الحيوية، اقترحت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي مشروعاً لتحسين الأمن المائي للمغرب وإرسائه على أسس متينة ومستدامة، من خلال حلول تتجاوز الاختلالات التي تعتري قطاع الماء على مستوى الحكامة والتسعيرة والتثمين والاستعمال المعقلن.ويهدف المشروع المقترح من طرف اللجنة إلى وضع أسس نظام مندمج لحكامة القطاع، وتعزيز سياسة فعالة لتعبئة الموارد المائية على طول سلسلة قيمتها، من الإنتاج إلى النقل والتوزيع والاستعمال، وحل النزاعات المتعلقة باستعمال الموارد كماء صالح للشرب وكمياه للسقي.
في هذا الصدد تقترح اللجنة إحداث وكالة وطنية لتدبير الماء لتحل محل اللجنة المشتركة بين الوزارات المتعلق بالماء، من أجل تعزيز التقائية السياسات العمومية والقطاعية، مع تنزيلها على المستوى الجهوي حسب كل حوض مائي.
وفي الشكل الثاني من التسعيرة ينبغي وفق خبراء اللجنة تشجيع الفلاحين على عقلنة استعمال الماء عن طريق تخصيص حصص محددة من مياه السقي بناءً على المساحات المزروعة التي يتوفرون عليها، على أن تكون هذه الآلية مصحوبة بمنصة لتبادل الحصص.
تتسم الموارد المائية بالمغرب بندرتها وبدورها الحيوي في التنمية، لكنها تواجه مجموعة من الإشكاليات على المستوى المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يتطلب عدداً من الحلول الهيكلية لضمان استعمال عقلاني.
وفي المكون الخامس لمشروع الماء، سيكون على المغرب الحفاظ على المياه الجوفية وتعبئة الموارد غير التقليدية، خاصة عن طريق تحلية مياه البحر لضمان مورد إضافي لتزويد الدوائر السقوية والمدن الساحلية بالماء.
كما يسعى المشروع المقترح إلى اعتماد تسعيرة ملائمة للماء تعكس تكلفة تعبئته وأيضاً ندرته، مع تأمين الحصول عليه من طرف الفئات الاجتماعية الهشة بثمن منخفض، استناداً إلى الفصل 31 من الدستور الذي يعتبر الحصول على الماء حقاً من الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين.
ويقترح المشروع إحداث من 10 إلى عشرين محطة للتحلية من خلال تعبئة الاستثمارات الخاصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى إنشاء بنيات تحتية للربط بين الأنظمة الهيدروليكية للتخفيف من النزاعات الحادة حول استعمال الماء.
وفي المكون الرابع، دعت اللجنة إلى اعتماد تسعيرة منسجمة تعكس القيمة الحقيقية للماء، والحث على عقلنة الاستعمالات، وهو ما سيؤدي تلقائياً إلى الزيادة في التكلفة بالنسبة لمكاتب ووكالات التوزيع، ويؤثر على التعريفات المطبقة على مستعملي الماء الصالح للشرب ومياه السقي.
وفي ما يتعلق بالأفق الزمني لهذا المشروع، ورد ضمن التوصيات أن يتم إحداث الوكالة الوطنية لتدبير الماء خلال السنة الجارية، وإصلاح نظام التسعيرة انطلاقاً من السنة المقبلة، لتحضير الفصل مالياً بين قطاعي الماء والطاقة فعلياً في أفق 2025
أحدث التعليقات