أفاد أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل، رشيد لزرق، أن غياب التضامن الحكومي يضرب في العمق أسس الممارسة الديمقراطية المتمثلة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، و كما عطل تنزيل دستور 2011 ، فإنه من شأنه تعطيل تنزيل النموذج التنموي.
واعتبر الأستاد في العلوم السياسية، أن النموذج التنموي، لا يمكن تنزيله الا وفق خيارات استراتيجي يفترض التوافق عليها، لأن النموذج التنموي هو مجموعة من المحاور الاستراتيجية، ينبغي سلكها بغاية تحقيق التنمية.
وأوضح أن تقرير لجنة النموذج التنموي يبقى هو الإطار المرجعي الذي يساعد الحكومات القادمة لتحديد الاتجاهات الاستراتيجية و بلورة سياسات عمومية، غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هل يمكن تنزيل النموذج التنموي الجديد بقيادات سياسية قديمة ونخب امتهنت التكتيك السياسي، أضاع عقد من الزمن الدستوري في صراعات سياسية مقية، وحكومات سياسية تنصل من المسؤولية السياسية و تمارس الشعبوية في أبشع تجلياتها، حكومة الخلفاء الأعداء يحضر فيها توافق على اقتسام الغنائم الحكومية و يغيب فيها التضامن الحكومي، الواجب في تنزيل البرامج.
وشدد المتحدث ذاته، على ضرورة الاعتراف بكون العديد من القرارات الهامة بقيت معطلة نظرا لغياب التوافق بين المكونات السياسية داخل الحكومة بسبب هيمنة التجاذبات والصراعات والمحاصصة فيما بينها، مما جعل السياسات الحكومية بعيدة كل البعد عن تطلعات الشعبية في تحقيق التنمية.
وتابع “لقد أتبث تجربة الحكومة الحالية و السابقة كونها بدون افق استراتيجي ،اتخدت من توصيات صندوق البنك الدولي من خلال الحد من صندوق المقاصة وجعل آليات السوق تلعب الدور الأساسي في النشاط الاقتصادي، مما أفرز ارتفاع الفساد و تضخم القطاع الغير مهيكل وتفاقم التفاوت الاجتماعي والجهوي.
وأضاف لزرق في تصريح لـ “نون بريس”، “أنه بالرغم من لصلاحيات الدستورية التي خولها دستور 2011 لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لم يستطع تكوين تشكيل أغلبية واضحة، ففي تجربتين حكوميين لاحظنا أن الأجواء داخل الحكومة وفق تقرير النموذج التنموي ” اتسمت بتوترات متكررة وبدينامية سياسية لا تحفز بالشكل الكافي علـى التقـاء الفاعليـن حول تصور للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يضع المواطـن في قلب الاهتمام ويسمح بتجسيد روح الدسـتور الجديـد، مما ساهم في “إبطاء وتيرة الإصلاحات وفي خلـق أجواء عميقة مـن عـدم الثقة، فـي ظـل ظـروف يطبعها تباطؤ النمو الاقتصادي وتدهور جودة الخدمات العمومية”.
وأمام كل هذه الإشكالات، أكد لزرق على أن المغرب في حاجة إلى مقاربة اجتماعية تتطلب وجود قطاع عمومي قوي يتولى توفير الخدمات العمومية الاستراتيجية ويمكن الدولة من وضع حد لكل التجاوزات والانزلاقات والتشوهات التي كثيرا ما تتسبب فيها السوق، مع التأكيد على ضرورة تدعيم بعض الآليات التعديلية للسوق من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي وتشجيع المبادرة الفردية.
أحدث التعليقات