كما أنّ جمعية صحراوية لحقوق الإنسان تضم مغاربة صحراويين عاشوا في تندوف وعانوا فيها الويلات، والبعض منهم يحمل الجنسية الإسبانية، لجأت إلى القضاء الإسباني كي ينصفهم. وكذلك من جملة من أقاموا الدعوى السيدة ماء العينين التي تم اعتقال والدها وقتله تحت التعذيب وانتزاعها من أحضان أهلها وهي في الثامنة من عمرها وإرسالها إلى كوبا. وهناك سيدة أخرى اسمها خديجتو محمود تم اغتصابها بعاصمة الجزائر بمكتب إبراهيم غالي حين كان «سفيرا»، إذ ذهبت لطلب الفيزا فقال لها أن ترجع على الساعة السابعة مساء، وحين عادت فض بكارتها واغتصبها.
حاورته: زينب مركز
فهذه كلها قد تكون بالتالي أسبابا وراء دخوله منتحلاً هويَّة «بن بطوش» وبجواز سفر مزور. فهذه أعمال لا يقوم بها إلا أباطرة المخدرات أو العصابات الإرهابية، وهذا يذكرني بالإرهابي الشهير كارلوس ـ الموجود حالياً بأحد سجون فرنسا حيث يقضي عقوبة السجن المؤبد ـ والذي كان بدوره صديق المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم عبد العزيز بوتفليقة الرئيس السابق.
سجل إبراهيم غالي جد ثقيل في الإجرام وبالخصوص في الإرهاب. فمذ السبعينيات حتى وقف إطلاق النار في 1991، كان يقوم بأعمال إرهابية ضد مصالح إسبانيا: حوالي 34 مركب صيد إسباني وقع الهجوم عليها بأمر منه كَـ»وزير للدفاع» انطلاقاً من الأراضي الجزائرية بتندوف – وحينَها لم يكن الجدار الأمني قد شيّد بعد – مما أسفر عن وقوع حوالي 100 ضحية إسبانية ما بين قتيل وجريح على يد عصابات البوليساريو، و300 مختطف سِيقوا كرهائن في ظروف غير إنسانية إلى تندوف، واستُعملوا كورقة ضغط على إسبانيا و«عُمْلة» ابتزاز مقابل الحصول على مواقف سياسية.
وهذا السجل الإجرامي، ينضاف إليه، فشله الذريع على رأس البوليساريو وحصده الإخفاقات المتتالية، جعل من الضروري استغناء العسكر عن عميلهم الفاشل إذ لم يعد فيه نفعٌ فرموا به بين أيدي الإسبان لخلق مشاكل بينهم وبين المغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعية «أكافيتي» الكنارية تضم حوالي 300 عائلة كلها من ضحايا البوليساريو، وقد اعترفت بهم إسبانيا مؤخرا كضحايا للإرهاب، فالفصل 543 من القانون الجنائي الإسباني يعاقب على هذه الأفعال كجرائم إرهابية لا يشملها التقادم، وبالتالي ففي أي لحظة يمكن لهذه الجمعية أن تتقدم لدى القضاء بدعوى في الموضوع، أو أن تثير المتابعةَ النيابةُ العامة تلقائياً.
يرى المحلل السياسي جمال الدين مشبال أن ضرر وجود إبراهيم غالي أصبح بالنسبة للجزائر أكبر من نفعه، لذلك رمت به بين أيدي الإسبان الذين انطلت عليهم الحيلة. وبالنسبة لقضية استدعاء زعيم الانفصاليين أمام القضاء الإسباني يرجح الدبلوماسي السابق بمدريد أن الأمر يرتبط بوضعيته الصحية، إذ يمكن للأطباء أن يقدروا أن حالته لا تسمح له بالحضور، وفي هذه الحالة سيلجأ القاضي الإسباني لقرار إغلاق الحدود في وجهه حتى لا يهرب من المثول أمام العدالة.
دخلت العلاقات المغربية – الإسبانية منعطفا جديدا للتوتر بعد دخول زعيم البوليساريو إسبانيا للاستشفاء، ما الخلفيات العميقة لما حدث بالضبط؟
الخلفيات في الحقيقة متعددة، ومن جملتها أنّ إبراهيم غالي أصبح شخصاً غير مرغوب فيه من طرف النظام الجزائري، إذ انتهت بالنسبة لهم «مدة صلاحيته» فنفضوا أيديهم منه، ورَمَوا به للإسبان الذين سقطوا في الفخ – وهي وجهة نظر السيد بِيَدِ الله وكذلك الصديق البشير الدّْخِيل الصحراويان القُحَّان والأعلم مني بالموضوع التي أشاطرهما إيّاه ـ فالرجل مريض ولم يعد فيه نفع، فالأفضل أن يموت في إسبانيا، ويخلق مشكلة تُوتِّر العلاقة بين الرباط ومدريد، لأن المغرب لن ينظر – طبعاً – بعين الرضا لاستقباله بإسبانيا.
وما الإجابة عن سؤال مفترض كهذا انطلاقا من خبرتك؟
تعطل اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لأكثر من مرة، فهل يكفي الحديث عن استشفاء إبراهيم غالي لتفسير ذلك أم هناك أسبابا أعمق مما يتم التصريح به؟
أحدث التعليقات