وأبرز، إن ما يطبع العلاقة بين المغرب وإسبانيا هو تأرجحها بين التعاون والتنافس الهادئ والمحدود. لكن ما يلاحظ خلال الثلاث سنوات الأخيرة وخاصة منذ ترسيم المغرب لحدوده البحرية بما في ذلك المجال البحري المحاذي لأقاليمه الجنوبية الصحراوية وموازاة مع تأكيد قرارات مجلس الأمن الدولي على الحل العملي والواقعي، ثم مع اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء بدأت إسبانيا تنحرف عن استراتيجية “السن بالسن” وهي استراتيجية متوازنة وطفيفة الحدة وشائعة في العلاقات بين دول متجاور.
وشدد، على إن الحد الأدنى من الحكمة السياسية يقتضي أن تحترم إسبانيا قاعدة ذهبية في السياسة الخارجية مفادها: “لا تؤذي جارك بما لا تود أن يؤذيك به”. فكيف سيكون موقف إسبانيا لو استقبل المغرب انفصاليين يهددون وحدة إسبانيا؟ بالطبع ستعتبر إسبانيا الأمر بمثابة خطوة عدائية خطيرة قد تعصف بمستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأبرز الفلاح في تدوينة له على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، أن الإطار العام الذي ينبغي استحضاره هو أن المغرب وإسبانيا يمثلان معا نقطة تماس وتقابل بين حضارتين وبين جغرافيتين وبين ديمغرافيتين، عبر مسار تاريخي حافل بالصراعات و مليء بوقائع الاستعمار والعدوان من الجانب الأوروبي.
وأضاف، أنه في نفس الوقت الذي تحدث فيه أزمة المهاجرين عند معبر مدينة سبتة المحتلة أمام أنظار أوروبا وإفريقيا، تجري في باريس قمة أوربية إفريقية حول التنمية في إفريقيا وهذه ليست مصادفة لأن كل ما يقع في الواجهة هو فقط الشجرة التي تخفي الغابة و تحجب السياق العام. هذه الشجرة هي شبيهة بما يعرف في علم النفس بالرسالة اللاشعورية message subliminal والتي تتسلل إلى اللاوعي غير البعيد عن الوعي المتشكل في أذهان الأفارقة والأوروبيين على حد سواء.
أكد الباحث المهتم بقضية الصحراء المغربية نورالدين الفلاح أن جذور الأزمة بين المغرب وإسبانيا عميقة ومتجذرة، في تاريخ الإمبريالية الأوروبية، وعلى صلة وثيقة بالجغرافيا والديمغرافيا وكل الأحداث التي جمعت خلال الثلاث قرون الأخيرة أوروبا بإفريقيا.
وأكد في الأخير، أنه من أجل فهم ما يقع وتفسير الفعل وردود الفعل، يجب توسيع زاوية التحليل واستحضار أبعاد وسياقات مترابطة تتجاوز الإطار الحصري للعلاقات المغربية الإسبانية لتشمل كل المحددات الحضارية والجغرافية والديمغرافية التي تربط إفريقيا بأوروبا وكل ما ترتب وسيترتب عنها على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية في أفق الخمسين سنة القادمة.
أحدث التعليقات