ونزاهته واضحة لكن في بعض الأوقات يقف ضدها شعوره بالولاء.
وهما يتميزان باللعب بطريقة حديثة والتمرير والإبداع وكل ذلك نتيجة النظام الذي وضعه تاباريز.
الرأس مائلة على جانب واحد.. علامات المرض.. الصمت مع التفكير في الإجابة بطريقة ما.. هذا هو اوسكار تاباريز مدرب أوروغواي المعتاد.
ولم تغب أوروغواي عن بطولة تحت قيادته وبدأ ببطء في إعادة تشكيل كرة القدم في أوروغواي.
وثنائي خط الوسط رودريجو بنتانكور وماتياس فيسينو يلعب بأسلوب لم يكن في الحسبان قبل عقد من الزمن.
وحصد لقب الدوري مع بوكا ليضيفه إلى لقب ليبرتادوريس مع بينيارول في 1987 لكن تسعينيات القرن الماضي شهدت خفوت نجمه وقضى فترتين مع كالياري وفترة قصيرة مع ميلان وموسم واحد مع أوفيدو وعاد إلى الأرجنتين مع فيليز سارسفيلد وبوكا مرة أخرى وبعد ذلك ظل تاباريز بلا عمل لأربع سنوات.
وكان دور تاباريز محوريا وكان غاضبا لكنه دافع عن لاعبيه حتى النهاية وهو الأمر المتناقض الذي ظهر مرة أخرى عندما أوقف لويس سواريز بعد عض جيورجيو كيليني في النسخة الماضية لكأس العالم وهاجم بغرابة ما وصفه بمؤامرة وسائل الإعلام الانجليزية.
وربما لم يكن ليعود لكن عندما خسرت أوروغواي أمام أستراليا في ملحق تصفيات كأس العالم 2006 أصبح من الواضح أن بلاده بحاجة إليه وكانت الوظيفة المثالية ليس للتأهل إلى بطولة أو الفوز بالألقاب لكن لإعادة تشكيل وجه كرة القدم في البلاد.
لكن ما زالت هناك حالة من الولاء لأسطورة المنتخب الصارم ففي العدد الأخيرة لصحيفة الـ”باييس” كتبت أن الجماهير في أوروغواي مرتبطة بفكرة البطل “المقاتل أكثر من صاحب الكفاءة والشجاع وليس الأنيق”.
وعلى جدار منزله في مونتفيدييو كتب تاباريز مقولة منسوبة إلى تشي جيفارا “يجب أن تقوي نفسك بدون فقدان حنانك”.
وأصبح رون “الكلب الذي عض القرد” بطلا قوميا بينما عاد بوكا الذي خسر 3-2 في مجموع المباراتين إلى الأرجنتين بالعار وغُرم مبلغ 98 مليون بيزو.
وما زالت ثورة تاباريز تؤمن بالفوز والمثابرة والعزيمة وفعل كل ما يمكن لكنه يؤمن أن الطريقة الأكثر فاعلية لفعل ذلك هي التمرير بدلا من محاولة إفساد الأمور وهذه النسخة من أوروغواي تحتفظ بذلك في وجود جودين وخيمينيز وكاسيريس.
ما زالت إجاباته في المؤتمرات الصحفية تنم عن الذكاء والوضوح وما زال مثل ضابط الشرطة النزيه. الرجل الذي تضم سيرته الذاتية العمل كمدرس ابتدائي وتهدئة جابرييل باتيستوتا خلال أعمال شغب في سانتياجو بينما كان ينزف بسبب جرح في وجنته دون أن يشعر بالمفاجأة.
لكن الآن تملك أكثر من ذلك ويقول جيراردو كايتانو وريكاردو بينيروا في كتابهما “أوروغواي في كؤوس العالم” أن فوز أوروغواي على البرازيل في نهائي كأس العالم 1950 في ريو دي جانيرو تم ترجمته بشكل خاطئ ووصفه بأنه فوز ضد الشجاعة وليس الإمكانات فيما أنه كان التفوق على الاثنين.
لكن تاباريز أكبر سنا الآن ولم يعد شعره كثيفا وبدا أخف عن الماضي ثم هناك ما يوصف “باعتلال عصبي مزمن” وهو ما يجبره على السير وهو يتكئ على عصا على الأقل وفي بعض الأحيان باستخدام عكازين أو كما حدث في نسخة الاحتفال بمرور 100 عام على كوبا امريكا قبل عامين عندما كان يجلس على كرسي كهربائي ورفض الحديث عن تفاصيل مرضه تماما وشدد عدة مرات أنه لا يؤثر على عمله مع اللاعبين.
ويبدو أن هذا العمل وصل إلى مرحلة استثنائية فعندما تولى تاباريز تدريب اوروجواي للمرة الأولى في 1988 كان بغرض تحسين صورة المنتخب بعد عار كأس العالم 1986 عندما وصلت طريقة لعب المنتخب العنيفة إلى قمتها بطرد خوسيه باتيستا بعد 56 ثانية فقط ضد اسكتلندا.
ولمدة 12 عاما أشرف تاباريز على كل شيء من تطوير الناشئين حتى الفريق الكبير وقاده المنتخب لقبل نهائي كأس العالم 2010 ثم لقب كوبا امريكا في العام التالي.
واستمرت أعمال الشغب لمدة 17 دقيقة بمشاركة اللاعبين والمدربين والجماهير والصحفيين وعانى تاباريز من جرحين قطعيين في وجهه بسبب عدسة كاميرا وانتهت أعمال الشغب عندما عض كلب بوليسي اسمه رون حارس بوكا نافارو “المونو” (القرد) مونتويا ونتج عن ذلك نزيف من الجرح في الفخذ.
وتحقق ذلك عندما بلغ دور الستة عشر في 1990 ولمعت سمعة تاباريز وانتقل لتدريب بوكا جونيورز وتضمن ذلك المواجهة المروعة ضد كولو كولو بطل تشيلي في قبل نهائي كوبا ليبرتادوريس في 1991.
ويتضمن كتابهما مقابلة مطولة مع تاباريز يتحدث فيها عن مناقشته مع المخضرمين في نهاية ثمانينيات القرن الماضي عن هذا الانتصار واقتناعه بضرورة تحويل الكفة من محارب إلى صاحب كفاءة.
ولفعل ذلك يحتاج الأمر إلى وقت وإيمان ويجب تحقيقه بدون فقدان كرة القدم في أوروغواي لثوابتها.
وما يحدث لأوروجواي في هذه البطولة هو جزء من التطور الكبير لكن تاباريز لو نجح سيكون حقق عكس مقولة جيفارا وجعل طريقة اللعب أكثر رقة دون أن تفقد صرامتها.
أحدث التعليقات