ويصبو مشروع القانون إلى الاستجابة للإكراهات التقنية الناتجة عن ارتفاع نسبة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء بالنظر إلى عدم الانتظام الطبيعي لهذه الطاقات، وضمان استقرار المنظومة الكهربائية الوطنية باستعمال تكنولوجيات الدورة المركبة المستعملة للغاز الطبيعي والتي تتيح مرنة أكثر.
كما يهدف إلى تلبية احتياجات البلاد من الكهرباء على المدى المتوسط والطويل والتي تعرف معدل نمو سنوي يناهز 6 %، وتنويع الباقة الكهربائية حيث يطغى في انتاجها حاليا استعمال الفحم الحجري.
هذه الأرقام التي قدمتها الجمارك المغربية، تكشف أن المغرب يتجه رسميا إلى التخلي عن الغاز الطبيعي المستورد من الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي.
وسبق للحكومة أن أحالت مشروع القانون المذكور على مجلس المنافسة لإبداء الرأي فيه، في فبراير الماضي، في عهد ادريس الكراوي، الذي غقد دورة مستعجلة لمناقشة مشروع القانون رقم 94.17 الخاص بقطاع الغاز الطبيعي، بتغيير القانون 48.15 المتعلق بتقنين قطاع الكهرباء، غير أنه لم يصدر أي رأي بخصوص هذا المشروع، ويبدو أن الأمر سينتظر رأي الإدارة الجديدة للمجلس برئاسة أحمد رحو، الذي عينه الملك يوم 22 مارس 2021.
وبخصوص المشروع الطموح الذي سيربط نيجيريا بالمغرب بواسطة أنبوب غاز، سيمر عبر 15 بلدا من غرب إفريقيا، فلم تقدم بعد شركة الهندسة البريطانية “بومبسون” نتائج دراسة الجدوى وتقييمها الشامل لمرحلة التصميم الهندسي لمرور الأنبوب، وكذا دراسة العرض والطلب على الغاز في السوق.
وفي هذا الصدد، لم تجب وزارة الطاقة والمعادن، المشرفة على هذا الورش، على سؤال “هل تمت إحالة مشروع قانون عدد 94-17 متعلق بقطاع الغاز الطبيعي على مجلس المنافسة من أجل إبداء الرأي؟”، خصوصا بعدما تغيرت الإدارة الجديدة.
بيتر أوسوليفان، الرئيس التنفيذي لشركة “بومبسون”، كان قد أكد في تدوينة له على موقع الشركة، أنه “بعد تنفيذ دراسة الجدوى بنجاح، نعتبر أنه امتياز كبير ليتم اختيارنا من قبل كل الزبناء للمرحلة التالية، حيث سنستمر في تقديم خدماتنا العالمية نحو تحقيق هذا المشروع الاستراتيجي”.
ويتوخى مشروع القانون إيجاد مصادر بديلة عن الغاز المستورد من الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، حيث أن العقود والاتفاقيات المؤطرة لهذا الاستيراد ستستوفي آجالها في سنة 2021.
وبالإضافة إلى هذه المعطيات، فرغبة المغرب في تأمين الحاجيات المتزايدة من الطاقة، تؤكدها مسودة مشروع قانون عدد 94-17 متعلق بقطاع الغاز الطبيعي، الذي لم يراوح مكانه لدى الحكومة منذ تقديمه سنة 2017، والذي أكد على أن المغرب وضع هدفا بالإضافة إلى تطوير الطاقات المتجددة، يخص تنويع مصادر المحروقات من خلال زيادة حصة الغاز الطبيعي في الباقة الطاقية وذلك لعدة اعتبارات.
في الوقت الذي لم يتم الكشف فيه عن توجه المغرب بخصوص توفير احتياجاته من الغاز الطبيعي، مع اقتراب انتهاء العقود والاتفاقيات المؤطرة لاستيراد الغاز من الجزائر، نهاية السنة الجارية،كشف التقرير السنوي لسنة 2020 لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، عن انخفاض في أتاوى أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي القادم من الجزائر، حيث بلغ هذا الانخفاض سنة 2020 نسبة 55 % أو ناقص 454 مليون درهم، مما
يمثل نسبة متوسطة تناهز 1 %من مداخيل الميزانية.
وفي المقابل أكد عبد العزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن، في تصريحات سابقة على أهمية الدراسات التي أجريت في إطار هذا المشروع بالنسبة لبلدان المنطقة، وأنها لا تزال جارية واللجنة المشتركة تعمل، كما أن دول غرب إفريقيا مهتمة بشدة بهذه البنية التحتية المستقبلية بما في ذلك موريتانيا، التي أبدت اهتماما بأن تصبح منتجا.
ومع اقتراب انتهاء عقود الأنبوب القادم من الجزائر عبر المغرب إلى أوروبا، يبقى السؤال المطروح، هو: هل سيلجأ المغرب من أجل توفير احتياجاته الطاقية الكهربائية إلى استخدام “الوقود الأحفوري”، وتشغيل معامل إنتاج الطاقة الكهربائية التي تعتمد على الفحم الحجري، والتي لا تستجيب لمعايير الحفاظ على البيئة كمحطة المحمدية؟
أحدث التعليقات