وفي 9 أبريل الماضي، أعلنت المحكمة الدستورية أن مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب المعروف باسم “القاسم الانتخابي”، “لا يخالف الدستور”.
وبخلاف الانتخابات السابقة، يخيم على هذه الدورة “عدم توافق” القوى السياسية بشأن تعديلات مطروحة على قانون الانتخابات، أبرزها تعديل القاسم الانتخابي، الذي يتم على أساسه توزيع المقاعد البرلمانية بعد الاقتراع.
الشعبوية الانتخابية
وفي ظل غياب التوافق على القوانين المنظمة للانتخابات، خاصة البرلمانية، طفا على السطح تبادل الاتهامات بين الأحزاب بشأن “توزيع إحدى الجمعيات الخيرية التابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار لقفف رمضان”.
لا يزال تبادل الاتهامات بين الأحزاب المغربية يغزو المشهد السياسي، على بعد أشهر من الانتخابات البرلمانية والمحلية والمهنية.
ولاحقا، رفض “التجمع الوطني للأحرار” الاتهامات الموجهة إليه، واعتبرها، في بيان، “محاولة للركوب على قضايا من قبيل الإحسان لربح تعاطف كاذب أو لشيطنة طرف سياسي دون غيره”.
اعتبر سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن “تبادل الاتهامات بين الأحزاب السياسية يدخل في باب الشعبوية الانتخابية، كنوع من المنافسة التي تركز على فكرة تحطيم الخصم واغتياله معنويا”.
وأضاف بونعمان: “بدل أن تكون المرحلة الحالية فرصة لنقاش الأفكار والبرامج والتصورات في قضايا الديمقراطية والتنمية.. تلجأ الأحزاب إلى هذا النوع من السجال”.
وعلى المنوال ذاته، سار “العدالة والتنمية” والاستقلال.
وفي 5 و12 مارس الماضي، أقر مجلسا النواب والمستشارين، على التوالي، مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، والذي سينظم الانتخابات البرلمانية.
الانتخابات والاتهامات
ورأى أن “الخطاب السياسي انجر إلى أشكال من الاستقطاب والشعبوية التي تضر بمصداقية العمل السياسي وتكرس أزمة الثقة بين المواطنين والأحزاب”.
وشدد على أن “هناك حاجة ملحة للارتقاء بالخطاب السياسي الموجه للناخبين والمجتمع”.
فقدان الثقة
وقبله، اعتبر عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة” أن “قفف رمضان التي تقدمها الجمعية التابعة للتجمع الوطني للأحرار عبارة عن رشى انتخابية”.
بحسب عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول بسطات، فإن “تبادل الاتهامات والتراشق الإعلامي بين الأحزاب السياسية مسألة عادية ومألوفة في الممارسة الحزبية بالمغرب، تحصل عند كل محطة انتخابية”.
وآخر الاتهامات، انتقاد أحزاب “الأصالة والمعاصرة” و”التقدم والاشتراكية” و”الاستقلال” و”العدالة والتنمية”، محاولة حزب “التجمع الوطني للأحرار” “استغلال فقر وضعف عدد من الأسر لاستمالتهم انتخابيا”، وهو ما نفاه التجمع.
وشكل هذا السجال عنوانا كبيرا قبل الانتخابات المقررة في الربع الأخير من العام الجاري.
وفيما اعتبر خبير أن تبادل الاتهامات يدخل في باب “الشعبوية الانتخابية”، رأى آخر أنها “لا تهم المواطن في قضاياه وتكرس العزوف وانعدام الثقة في الأحزاب”.
وأضاف اليونسي: “أصبح مألوفا قبل كل انتخابات أن يتم استخراج ملفات لضرب الخصوم”.
واستدرك: “لكن التحول الذي حصل هذه المرة، أن الحزب الذي كانت توجه إليه أصابع الاتهام منذ انتخابات 2007 هو العدالة والتنمية، قبل أن يتم تحويل الوجهة اليوم نحو التجمع الوطني للأحرار”.
وفي 21 أبريل، دعا حزب “التقدم والاشتراكية” السلطات العمومية، بالتحرك لوقف ممارسات إحدى الجمعيات الخيرية المحسوبة على حزب “التجمع الوطني للأحرار”، عبر “منح قفف رمضان في سياق انتخابي”.
ولفت إلى أن “توجيه أحزاب المعارضة (“الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية”) و”العدالة والتنمية” مجتمعة خطاب النقد إلى “التجمع الوطني للأحرار” سيؤدي إلى عزلته”.
وفي اليوم الموالي، رفض حزب “العدالة والتنمية” قرار المحكمة الدستورية، معتبرا أن “اعتماد القاسم الانتخابي هو اختيار غير ديمقراطي ويتعارض مع كل القواعد التي أسست للاختيار الديمقراطي باعتباره أحد الثوابت الدستورية الجامعة”.
وشدد على أن “المشكلة اليوم تكمن في أن التراشق الحاصل لا يهم المواطن في شيء، وهو ذو طبيعة سياسية صرفة، ما سيكرس العزوف عن الانتخابات وفقدان الثقة في الأحزاب السياسية”.
أحدث التعليقات