حافظ على تركيزك وتخلص من الملل
كلنا لدينا أهداف وأحلام نرغب بتحقيقها، لكن الصعوبة دائماً تكمن في التمسك بالهدف، كل فترة أسمع أناساً يقولون: “بدأت بعزيمة كبيرة، لكني أواجه صعوبة في الاستمرار لفترة طويلة”، أو يقول: “أعاني من الثبات الذهني، أستطيع أن أبدأ لكن لا يمكننى الاستمرار طويلاً. على سبيل المثال: أبدأ مشروعاً ثم أعمل عليه لبعض الوقت، ثم ما يلبث أن يتشتت تركيزي فأبدأ مشروعاً آخر، وهكذا أبدأ بتنفيذ فكرة، ثم تخطر لي فكرة أخرى وأبدأ العمل عليها وأهمل الفكرة الأولى، وتمر الأيام من دون أن أتقدم خطوة واحدة في أي مشروع”. هل خالجك هذا الشعور من قبل؟
في أحد الأيام وفي أثناء وجودي بأحد الأندية الرياضية كان هناك مدرب ذو خبرة كبيرة درَّب آلاف الرياضيين خلال مسيرته التدريبية الطويلة بعضهم من أبطال الأولمبياد. وكان من أقارب أحد الجالسين معي، فسألته: ما الفرق بين أبطال الأولمبياد والناس العاديين؟ ما الذي يفعله الناجحون ولا يفعله بقية الناس؟ في البداية تحدث باختصار عن الأمور المعتادة للفوز بالألقاب مثل، العوامل التربوية والموهبة والحظ، ثم تطرق إلى ما لم أكن أتوقعه فقال: “الألقاب لا تأتي إلا لمن يستطيع تحمل التمارين اليومية المملة، وحمل الأثقال مراراً وتكراراً”. فاجأتني هذه النصيحة البسيطة لأنها تتحدث عن طريقة تفكير مختلفة.
كثيراً ما يتحدث الناس عن التحفيز كوسيلة للوصول إلى الهدف، سواء كان هدفاً تجارياً أو رياضياً أو غيره، وستسمع من يقول: ستنجح عندما تصبح شغوفاً بما تعمل. ونتيجة لهذه الفكرة، أعتقد أن كثيراً من الناس يكتئبون عندما يتشتت تركيزهم عن فكرة ما لأنهم يظنون أن لدى الناجحين قدراً كبيراً من الشغف والإرادة القوية التي يفتقدونها هم، لكن هذا عكس ما قاله المدرب تماماً، يقول المدرب: الناجحون فعلاً يشعرون بالملل وقلة التحفيز كما يشعر غيرهم، وليس لديهم دواء سحري يجعلهم يحسون بالجاهزية والإلهام كل يوم، لكن الفرق أن الذين يتمسكون بأهدافهم لا يجعلون لمشاعرهم سبيلاً للسيطرة على أفعالهم: من ينجز لديه ما يظهره للناس ولديه القدرة على تجاوز الملل ومواصلة الممارسات اليومية اللازمة لتحقيق أهدافه.
يستطيع كل منا العمل باجتهاد عندما يكون متحمساً ومتحفزاً، كما أن تحقيق النتائج يدفعك إلى الأمام، لكن بالمقابل ما الذي يحدث عندما تشعر بالملل من مهمة ما، أو عندما يكون العمل صعباً، وماذا سيحدث إن لم يعِرْك أحد اهتمامه ولم يكترث الناس بما تفعل؟
كثيراً ما نظن أن الأهداف مرتبطة بالنتائج، فنرى النجاح نتيجة يمكن تحقيقها، وهناك عدد من الأمثلة الشائعة لهذه الفكرة: كثير من الناس يرون الصحة نتيجة: “إذا نحفت 20 كيلوجراماً، سيصبح جسمي متناسقاً”. وكثير من رجال الأعمال يعتقدون أن ريادة الأعمال نتيجة: “سأصبح ناجحاً إذا تمكنت من الوصول إلى قائمة أفضل رجال الأعمال في مجلة فوربز”. وكثير من الناس يرون الفن تتم ممارسته لذاته: “إذا عرضت أعمالي في معرض كبير، فقد حققت الشهرة التي أبتغيها”.
هذه أمثلة بسيطة لحالات كثيرة نتصور فيها أن النجاح مجرد حدث فردي، لكن عندما تتأمل الناجحين، ستعرف أنه ليست الأحداث ولا النتائج هي التي جعلتهم مختلفين، بل إن ما يميزهم هو مدى التزامهم بواجباتهم ومهامهم اليومية التي ستقودهم لتحقيق الهدف النهائي. يعشق هؤلاء الناجحون الممارسات اليومية وليس الهدف النهائي الذين يسعون للوصول إليه. الجميل هو أن اهتمامك بهذه المهام اليومية سيقودك إلى هدفك النهائي الذي تطمح إليه. فإذا كنت تطمح أن تصبح كاتباً كبيراً، من المهم أن تقرأ أفضل الكتب، لكن الأهم هو أن تحب الكتابة وأساليبها. إذا كنت تريد أن يعرف العالم عن مشروعك التجاري، فمن المهم أن تكتب المجلات المتخصصة فى مجالك، لكن الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذه النتيجة هي أن تعشق التسويق وأساليبه. وإذا كنت تريد أن يصبح جسمك متناسقاً فإن خسارة 20 كجم أمر ضروري، لكن الطريقة الوحيدة للوصول إلى الجسم المثالي هي أن تحب الأكل الصحي وممارسة التمارين بشكل مستمر. يجب أن تحب ملل التمارين اليومية لتنجح، وتحب التكرار المرة تلو المرة لتصل إلى غايتك. اصنع عاداتك الحسنة وأحبها ولا تقلق على النتائج لأنها ستطرق بابك تلقائياً.
أحدث التعليقات