أمثلة عن القضايا الملحة المطروحة للاجتهاد اليوم
وسيجد الفكر الإسلامي أن هذا النظام الديمقراطي بما يعمل به من آليات الانتخاب والاقتراع، والمجالس البرلمانية والمجالس المحلية والجهوية، ومنح الثقة للحكم وحجبها ومساءلته من لدن نواب الأمة، لا يتنافى في معظم قواعده مع روح الإسلام، وأحيانا يلتقي مع نصوصه القطعية الثابتة في الكتاب والسنة. وعلى ذلك يعلن الفكر الإسلامي عن موافقته عليه وتبنيه بعد أن يبدي على بعض آلياته ما يراه لا مناص عنه من التحفظات إن اقتضى الحال ذلك، حتى يظهر الحكم الإسلامي في صورة حكم مندمج في نظام الحكم العالمي الجديد، مساير للتطور، يوحي بالاطمئنان إليه كحكم حضاري. ولعل التحفظات إن وجدت ستكون إغناء للاجتهاد القائم حول النظام العالمي، تضيف إليه أو تصححه أو تهذب مساوئه.
يمضي العالم اليوم على طريق العولمة الشاملة التي سيأتلف على قاعدتها النظام العالمي الجديد بدون حدود فاصلة ولا حواجز مانعة، وبدون هويات وجنسيات مختلفة.
وقد ارتأينا بمناسبة شهر رمضان المبارك، أن ننشر على حلقات بعضا من هذه المقالات المنشورة في الكتاب المذكور أو غيره، تعميما للفائدة ومساهمة منا في نشر فكر عبد الهادي بوطالب الذي يعد من رواد الفكر الإسلامي التنويري.
-حقوق الإنسان :
أ-الشؤون السياسية وشؤون الحكم والدولة والنظام الديمقراطي :
يحكُم عالمَنا ميثاقُ حقوق الإنسان العالمي الذي أقرته الأمم المتحدة سنة 1945. وللإسلام نصوصه وتعاليمه المقدسة عن حقوق الإنسان التي نشأت مع نشأة الدعوة الإسلامية، وانضافت بعدها إليها قيم أخرى مستمَدﱠة منها مع امتداد الحكم الإسلامي.
الحلقة (17)
-عولمة الحكم والنظم السياسية :
ونحن نعتقد أن أكثر ما جاء به الميثاق الأممي من تركيز على كرامة الإنسان وضمان حرياته، وتمتيعه بالحقوق الفردية والجماعية السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، سبق إليه الإسلام منذ أربعة عشر قرنا، لكن ما تزال بين الموقف الأممي والموقف الإسلامي من هذه الحقوق بعض المفارقات، فحقوق الإنسان في الإسلام منضبطة بحقوق الله على عباده، وحقوق العباد تابعة لحقوق الله. وهذه المفارقات يجب أن يبرزها الفكر الإسلامي بتوضيح ما بين مفهوم الحقوق في الإسلام ومفهومها الأممي من قواسم مشتركة، لتكون النتيجة اندماج عالم الإسلام في ميثاق الحقوق الأممي، مع إبداء ما قد يكون على هذا الميثاق من تحفظات سيكون لها أثر إيجابي مثلما رأينا ذلك في التحفظات على شؤون الحكم والدولة الديمقراطية.
من بين القضايا التي استأثرت باهتمام الأستاذ الراحل عبد الهادي بوطالب، قضايا الإسلام المعاصر. اهتمام الفقيد بهذا الموضوع، يعود من جهة إلى كونه من خريجي جامعة القرويين ، عالما علامة، ومن جهة أخرى إلى كونه تحمل مسؤولية مدير عام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم في مرحلة احتل فيها النقاش حول ما سمي بالصحوة الإسلامية، بعد الثورة الإيرانية، صدارة الأحداث والاهتمامات السياسية والفكرية في ذلك الوقت، حيث يجدر القول، بأن نفس القضايا مازالت مطروحة إلى اليوم، والتي خاض فيها الأستاذ عبد الهادي بوطالب بالدراسة والتحليل عبر العديد من المقالات والمحاضرات التي نشر البعض منها في كتاب من جزأين، تحت عنوان، “قضايا الإسلام المعاصر”. وهي كتابات مازالت لها راهنيتها.
نقترح أن يعالج الاجتهاد الجماعي القضايا الملحة في المجالات السياسية، والاقتصادية والمالية، والشؤون الاجتماعية، والشؤون الصحية المعاصرة. وسنعطي أمثلة محدودة لهذه القضايا في الميادين التالية :
-الشرعية الدولية :
ولذلك نرى أن يسلط الاجتهاد الإسلامي نظره الفاحص على هذا النظام، ويدرسه بجميع تفاصيله ودقائقه، ويتبنى منه كل ما يتفق ونظام الشورى الإسلامي المفتوح الذي اقتصر على أحكام عامة، وأن يسعى إلى أن لا يستبعد من النظام الديمقراطي إلا ما يتنافى مع مبادئ الشورى الأساسية. وبذلك يصبح الإسلام يعيش العصر الحاضر محتفظا في الوقت نفسه بقيمه.
ينطر الاجتهاد في مفهومها الدولي الحاضر ويبدي رأي الإسلام في ضبط مفهومها، ويركز على رفض الإسلام لنزعة ازدواجية المقاييس التي تقوم عليها في التطبيق والتعامل الدولي. والمطلوب من الاجتهاد أن يقيمها على قاعدة ضمان العدل والمساواة واحترام القيم ووحدة المقاييس.
وتقوم على ذلك كله الدولة مؤسسة المؤسسات التي يمكن أن تكون في شكلها إما ملكية أو إمارة أو جمهورية أو مجلسا جماعيا له رئيس منتخب. ويسود في ظل العولمة النظام الديمقراطي القائم على المشاركة الشعبية، واختيار الحاكم ومراقبته من لدن الشعب.
أحدث التعليقات