بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الله واله الاهواء .. التكفيريين نموذجا
بسم الله الذي لولا هُداه كنا من الضالين وأصلي وأسلم وأبارك على سيد المرسلين محمد بن عبدالله ومن سار على هُداه إلى يوم الدين أما بعد:
فأنني في هذا المقال سأوضح أمرا قد ينطلي على العامة والدهماء من الناس ولا يدركونه بسبب عدم اطلاعهم على هذه النصوص وما المقصد من خلالها قال الله عز وجل في محكم تنزيله “إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما” سورة طه 98
قال شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري وقوله ” إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ” يقول :مالكم أيها القوم معبود إلا الذي له عبادة جميع الخلق لا تصلح العبادة لغيره ، ولا تنبغي أن يكون إلا له .
لغويا : نرجع المعجم اللغة العربية المعاصرة تأليف أ.د أحمد مختار عمر مج 1،ط 1429هـ/ 2008 م ص 114 ما نصه : ” الله ” [مفرد] علم على الذات العليا الواجبة الوجود الجامعة لصفات الألوهية ولا يجوز أن يتسمى به أحد وفي ص 113
إله [مفرد] كل ما أتخذ معبوداً بحق أو غير حق فالمؤكد لغوياً أن ” الله ” هي الذات الإلهية المقدسة الصحيحة واجبة العبادة .
أما إله : فهو علم للإشارة للألوهية سواء بحق في حالة واحدة إن كانت لله عزوجل كما هو الثابت بوصفه لنفسه بالقرآن الكريم وجميع الحديث النبوي الشريف وما شرحه علماء الأمه ، ولا يقتصر ذلك على الإلهة في الأساطير القديمة والأديان الوثنية بل حتى عن ( الإله الفكري المزيف ) وذلك ما شرحه بالدليل قال الله عز وجال ” وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ” سورة المائدة 64
” وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ” سورة التوبة30
وهنا الامر للتوضيح فعلى الرغم من زعم اليهود عبادتهم لله إلا أنهم يعبدون بتصورهم إلهاً حسب هوائهم وليس مثل ما قال عز وجل وقال انبياؤه وكذلك فإن النصارى يزعمون بأن الله عزوجل ثالث ثلاثة وهذا باطل فالله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ، وعلى أثر ذلك فأن هناك آية صريحة الدلالة على اتباع الاله الفكري المزيف الذي يزعم المخرجون عن اجماع الأمه بان الله تعالى كبيرا عما يصفون فقال ” ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ) سورة المؤمنين 91 ، وقال «أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون» سورة الطور 43 وهنا نصل للآية الكريمة الواضحة «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ » سورة الجاثية 23
قال شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري في تفسير ” أفرأيت من اتخذ دينه بهواه فلا يهوى شيء إلا ركبه لأنه لا يؤمن بالله ولا يحرم ما حرم ولا يحلل ما حلله إنما دينه ما هوته نفسه يعمل به”.
حدثنا ابن عبدالله ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قولة “أفرأيت من اتخذ إله الهه هواه” قال لا يهوى شيئا إلا ركبه لا يخاف الله وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ” انما يأتمر بهواه فمهما راه حسنا ومهما راه قبيحاً تركه وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقلية والمعتزلة فرقه كلامية تنتسب للإسلام ظهرت بالبصرة أواخر العهد الأموي وأهم اعتقادهم المغالاة في تحكيم العقل على النص ولذا رأى الحافظ ابن كثير خلالهم باتخاذ إله من اهوائهم وليس كما أجمعت الأمة وقال الشعبي في تفسيره وهذه الآية و أن كانت نزلت في هوى الكافر فهي في متناوله جميع هوى الأنفس الأمارة قال الرسول صل الله عليه وسلم ” العاجز من اتبع نفسه هواه وتمنى على الله ” .
ولا خلاف أن التكفيريين وما تفرع منهم من منظمات إرهابية مثل تنظيم القاعدة ، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة ب” داعش ” هم فرقة مارقة منحرفة ولتفضيل ذلك نرجع لبيان هيئة كبار العلماء الذي صدر بالطائف لسنة 1419ها في الدورة التاسعة والأربعين بتاريخ 2/ 4/ 1419هـ فذكر في البند الثالث ” فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ ” و”هكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه أنما هو تصرف صاحب فكر منحرف وعقيدة ضاله فهو يحمل اثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدى الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المتمسكين بحبل الله المتين وإنما هو محض افساد وإجرام لهذا جاءت نصوص الشريعة بتحريمه محذره من مصاحبته وقد جاء في مقدمة هذا البيان فقد جاء مجلس هيئة كبار العلماء في دورته 49 المدعوة بالطائف ابتداء من تاريخ 2/ 4/ 1419هـ ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها من التكفير والتفجير مما ينشأ من سفك الدماء وتخريب المنشئات ونظرا إلى خطورة هذا الأمر وما يترتب عليه من ازهاق أرواح بريئة وأتلاف أموال معصومة وأخافه الناس وزعزعة لأمنهم واستقرارهم فقد رأى المجلس اصدار بيان يوضح فيه حكم ذلك نصا لله ولعبادة ابراء للذمة وإزالة للبس في المفاهيم لدى من اشتبه عليه الأمر في ذلك ” وهذا بيان واضح في براءة الإسلام من هذا المعتقد المنحرف وعلى اثر ذلك وجدنا فتوى صريحة من الدكتور” سعد الشثري” بفتواه على قناة المجد الفضائية وعلى قناة الرسالة وهو
عضو هيئة كبار العلماء سابق ” داعش ظاهرهم التكفير “وكذلك أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ” د.أحمد كريمه ” وقال بصريح العبارة ” ارتدو ولَا يحسبون على الإسلَام” ، وذلك في حواره مع قناة العربية.
ولقد راينا في الكويت مثلا جرائم هؤلاء مثل جريمة ” تفجير مسجد الإمام الصادق ” الذي حصل في 25/ 6/ 2015م استشهد 27 شخصا من خلاله وأصيب 227 شخصا قام به الإرهابي فهد القباع وقد رأينا ما حصل في العراق وسوريا من نحر الأشخاص مسلمين وغير مسلمين تحت صيحات ” الله اكبر. ”
وأنه من خلال النصوص المقدسة في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ذكره علماء المسلمين في تفسير الآية 23 من سورة الجاثية والتي استزيد فيما قاله شيخ الإسلام الإمام تقى الدين ابن العباس أحمد ابن تيمية رحمة الله في التفسير الكامل ، تحقيق عمر العمروي الجزء السادس ص 186-187 ” قال بعض العارفين ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون غير ان فرعون قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر وذلك أن الأنسان اذا اعتبر وتعرف الناس ونفسه وسمع اخبارهم وأن الواحد منهم يريد لنفسه أن تطاع وتعلو بحسب قدرته فالنفس مشحونة بحب العلو والرئاسة بحسب إمكانياتها تتخذ أحد يوالي من يوافقه ويعادي من يخالفه في هواه وإنما محبون مايهواه ويريده ” حتى قوله “والواحد من هؤلاء يريد أن يطاع أمره بحسب إمكانه لكنه لا يتمكن مما تمكن منه فرعون من دعوى الإله وجحود الصانع….” ” وكثير من الناس ممن عنده بعض عقل وإيمان لا يطلب هذا الحد بل يطلب لنفسه ما هو عنده فإن كان مطاعا مسلما طلب أن يطاع في أغراضه وأن كان فيها ماهو ذنب ومعصية لله ويكون من أطاعه في هواه أحب إليه وأعز عنه مما أطاع الله وخالف هواه وهذه شعبة من حال فرعون وسائر المكذبين للرسل وأن كان عالما أو شيخا أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره حتى لو كان يقرا القرآن أو يعبدان عبادة واحدة متماثلات فيها كالصلوات الخمس فأنه يحب من يعظمه بقبول قوله والاقتداء به أكثر من غيره” .
وهكذا نرى أن شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله لم يستثني ممن هو يدعي الإسلام ولكنه يتخذه من هواه إلهاً يعبدون الله وهكذا نرى أن التكفيرين يتبعون إلها غير الله عزوجل يتبع من اهوائهم ورغباتهم وليس ما جاء في وصف الله عز وجل باتفاق الأمة وبالتالي فأنه لا يخجل هؤلاء وصنائعهم المريبة والخارجة عن سماحة الإسلام ورحمة الله رب العالمين لخلقه وعباده فهم يتخذون من فهمهم النابع من اهوائهم تصوراً ويحاولون إيهام الناس بإنه هذا إرادة الله وما افترضه، والصواب غير ذلك أقول قولي هذا والله ولي التوفيق.
حرره العبد الفقير لله عبدالرحمن الحسيني الكويت 15/ محرم 1438هـ 16/ 10/ 2016مـ![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
أحدث التعليقات