إن كل سني يُنشد -إعرابا بلسانه عن حال وجدانه وقلبه- هذه الأبيات مع ناظمها :
يــا أهـــل بـــيـــت رســــــول الله حــــبــــكـــمُـــو فــــرض من الله في الــــقـــرآن أنــــزلـــــــه يـــكفيكـــم من عظـــيـــم الـــقدْر أنــكـــمُـــــــــو مـــن لـم يُـصَـلﱢ علـــيكـــم لا صـــــلاة لــــــه
ومع القائل الآخر :
وقد ارتأينا بمناسبة شهر رمضان المبارك، أن ننشر على حلقات بعضا من هذه المقالات المنشورة في الكتاب المذكور أو غيره، تعميما للفائدة ومساهمة منا في نشر فكر عبد الهادي بوطالب الذي يعد من رواد الفكر الإسلامي التنويري.
وإنه لمما يوحي بأن هذا التقريب وشيك الوقوع أن رجال المذهبين منفتحان ومتعانقان على القيام بوثبة التقريب الكبرى. ولحسن الحظ فإنه لم يعد بين الشيعة لا سَبَئية ولا غُرابية، ولا بيانية ولا خطابية. كما لا يوجد بين أهل السنة اليوم “مكفراتيون” لمن لا يقول أو لا يعمل بمذهبهم، وأن الغلو الذي ساد أتباع الطرفين معا في حقبة تاريخية ولأسباب سياسية، قد طواه التاريخ وانتهى المسبب بنهاية السبب.
إن كـــــان رفــضـــــــا حــــــب آل مـــحــمـــد فـــلْشهـــــــد الثقـــــــلان أنـي رافــضـــي
ونحن نؤمن بأن من أسباب الاختلاف ضعف اطلاع السنة على مذهب الشيعة واجتهادات أئمتها، وضعف اطلاع الشيعة على فقه السنة واجتهادات أئمتها. ولو انفتح كل سني أو شيعي بموضوعيه ونزاهة فكرية على الآخر لوجد أن ما يفرق بين مذهبيهما قليل. وفي الإمكان التوصل في أكثره إلى تراض ووفاق، ولردد في النهاية كل منها مقولة سقراط : “إذا عُرف موضع النزاع بطل كل نزاع”.
من بين القضايا التي استأثرت باهتمام الأستاذ الراحل عبد الهادي بوطالب، قضايا الإسلام المعاصر. اهتمام الفقيد بهذا الموضوع، يعود من جهة إلى كونه من خريجي جامعة القرويين ، عالما علامة، ومن جهة أخرى إلى كونه تحمل مسؤولية مدير عام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم في مرحلة احتل فيها النقاش حول ما سمي بالصحوة الإسلامية، بعد الثورة الإيرانية، صدارة الأحداث والاهتمامات السياسية والفكرية في ذلك الوقت، حيث يجدر القول، بأن نفس القضايا مازالت مطروحة إلى اليوم، والتي خاض فيها الأستاذ عبد الهادي بوطالب بالدراسة والتحليل عبر العديد من المقالات والمحاضرات التي نشر البعض منها في كتاب من جزأين، تحت عنوان، “قضايا الإسلام المعاصر”. وهي كتابات مازالت لها راهنيتها.
الحلقة (9)
مجالات اتفاق المذاهب أغنى وأوسع من مجال اختلافها
لم يعد في عهد الصحوة الإسلامية التي نعيشها من المذاهب إلا مذاهب فقهية لا خلاف بينها على العقيدة. وليس من بينها من ينكر القرآن أو السنة أو لا يقول بحجية السنة، وخاصة مذهبي السنة والشيعة الذَيْن أبرزت لقاءات التقريب بين المذاهب روابطهما المشتركة على صعيد التعلق بدين الإسلام، والغيرة عليه والتعاون لتقريب شقة الاختلاف في بعض الفروع التي اختلف العلماء المجتهدون في أحكامها.
إن توالي حلقات الاجتهاد داخل كل مذهب من شأنه أن يثري الفقه ويصون الشريعة ويساعد على انتشار الإسلام الذي يؤشر كل شئ إلى أن مدﱠه قادم ليأخذ من جديد مكانته التاريخية. وبدون الاجتهاد سيتحجر الفكر المسلم، وسيُنسَب هذا التخلف إلى الإسلام، بينما الإسلام أطلق الفكر من عقاله ودعا إلى أن لا تقف رحى الاجتهاد والاستنباط.
وحتى بالنسبة لتشيع الشيعة لأهل البيت النبوي واعتمادهم سيرتهم الطاهرة نموذجا مثاليا لسيرة المسلم، وتفضيلهم الأحاديث المروية عن أئمة الشيعة على غيرها، فإن التشيع لآل البيت بمعنى محبتهم والتعلق بهم وإحلالهم مكانة التشريف والتعظيم قدر مشترك بينهم وبين السنة في أساسه، وإن كان فيه اختلاف فهو من النوع الذي لا ضرر فيه.
أحدث التعليقات