لكن ماذا عن قرار الإغلاق الليلي في رمضان؟ فالبعض يقول أنه سينعكس سلبا على تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية التي بدأت تتعافى.
فرغم أن عموم المغاربة قاسوا وعانوا من تداعيات الحجر الصحي، لكن في مقابل ذلك كان هناك عمل جبار لمواجهة تداعيات الحجر الاقتصادية والاجتماعية مما قَلّصَ من تبعات الحجر الصحي الصعب على الجميع، حيث أن تدخل الدولة كان صائبا ويتضح هذا الأمر في البحوث التي أجريناها ميدانيا في المندوبية السامية للتخطيط، بحيث أن تلك الإجراءات أوقفت التدهور الذي كنا نسير فيه في ما يتعلق بنسبة الفقر والهشاشة والبطالة، إضافة إلى الآثار النفسية للحجر الصحي، وهذا المعطى الأخير مهم ولا يجب القفز عليه.
اليوم هناك قرار للإغلاق الليلي في رمضان، وبقدر ما أن هذا القرار صعب ومؤلم فهو كذلك قرار شجاع، وما علينا سوى أن نضع اليد في اليد ونحاول أن نصبر حتى تمر هذه الأزمة، خاصة وأن المؤشرات تؤكد وجود موجة ثالثة من الفيروس، فمن لديه دخل قار يجب أن يساهم بشكل أو بآخر مع من ليس لديهم دخل قار، ونحن كمواطنين علينا أن نساعد الدولة في مواجهة هذا الفيروس من خلال ارتداء الكمامات واتباع جميع الاحتياطات سواء كنا أفرادا أو أسرا، خاصة وأن العدوى تنتشر بشكل كبير وسط الأسر، ولذلك علينا أن نصبر. قد تمر علينا سنوات عجاف، لكن من المؤكد أنه ستتبعها إن شاء الله سنوات «سمان» أفضل بكثير مما نعيشه اليوم.
الملاحظ كذلك أن المغرب نجح في عملية التلقيح، في ظل وجود صراع كبير في العالم حول اللقاحات، حيث نسجل أن بلادنا نجحت في أن يكون لها تأثير في هذا الصراع في الأسواق وفي الميدان الجيوسياسي، كما ظهر أن المملكة لها وزن كبير، دون أن ننسى أن كلمة الملك محمد السادس مسموعة في المنتظم الدولي ولها وزنها.
ومن أجل التعليق على ذلك ربطنا الاتصال بالسيد أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، فكانت هذه الدردشة الخفيفة، التي يتحدث فيها عن مؤشرات الاقتصاد والعودة إلى الحجر الصحي في رمضان و”السكتة القلبية” وورش تعميم التغطية الصحية على عموم المغاربة، وعملية التلقيح والاستثمار ومواضيع أخرى.
المشكل الحقيقي اليوم هو علاقة وباء «كورونا» بالاقتصاد، فالمغرب أعطى الأولوية لصحة المواطنين، وهذا القرار يستحق التنويه، وها نحن نلاحظ كيف أن العالم بأسره ينوه بما قام به المغرب من إجراءات، فبلادنا تعاملت بشكل جيد مع الوباء.
في بداية هذه الجائحة نشرنا لك حوارا على صفحات «الأيام» أكدت فيه أن مقاربة مواجهة الوباء كانت في المستوى المطلوب. هل ما زلت تحمل نفس القناعة بعد سنة كاملة من حوارنا السابق؟
أصدرتم خلال الأسبوع الماضي مجموعة من الأرقام والمؤشرات حول وجود نمو طفيف للاقتصاد الوطني خلال هذا العام، تقرير أخير للمندوبية السامية للتخطيط أكد أنه خلال الفصل الأول من العام الجاري تم تسجيل نمو بـ 0.7 في المائة عوض ناقص 6 في المائة خلال الفصل الأخير من العام 2020. هل بدأنا نتجاوز الجائحة أو على الأقل هل بدأنا نتكيف معها؟
خلال الأيام القليلة الماضية أصدرت المندوبية السامية للتخطيط مجموعة من التقارير تحمل بشائر تتحدث عن وجود تحسن في مؤشرات الاقتصاد الوطني، قد تؤدي إلى تسجيل معدلات إيجابية في نسبة النمو عكس المعدلات السلبية غير المسبوقة التي تم تسجيلها في أول سنة من الجائحة والحجر الصحي.
من يعرف السيد أحمد الحليمي ويتابع تقارير المندوبية السامية للتخطيط سيعرف أنك صاحب لغة صارمة تتسم بالكثير من الصراحة المزعجة أحيانا بالنسبة للحكومة، يبدو الأمر مفهوما لأن أسلوبك يمتح من مرجعية يسارية، غير أن لغتك اليوم تبدو مختلفة ويظهر أنك منشرح للخطوات التي قامت بها الدولة في ظل أزمة كورونا..
بالنسبة لي، مقاربة مواجهة الوباء، كانت في مستوى مجموعة من القضايا الكبرى التي تَفَوَّقَ فيها المغرب في العقود الأخيرة. المغرب استطاع إنقاذ آلاف الأرواح، وهذا ما يمكن أن نستخلصه إذا ألقينا نظرة على الأرقام المسجلة على سبيل المثال في دولة قريبة منا كفرنسا، حيث سنلاحظ أن الوفيات هناك تجاوزت الـ 100 ألف حالة وفاة، بينما في المغرب لم تتجاوز بعد عتبة الـ 10 آلاف وفاة، مما يعني أنه لولا الإجراءات التي قام بها المغرب لحصلت الكارثة.
التفاؤل الذي أتحدث به اليوم منبثق من الواقع، لكن ما بين التشاؤم المبرر والتفاؤل المفرط هناك المنظور الوطني المعتمد على إبراز مقومات الأمة واستحضار إمكاناتها. ما ننشره في المندوبية السامية للتخطيط من معطيات يتضمن في الكثير من الأحيان معطيات محزنة، لكن يشهد الله أننا لا نقوم إلا بواجبنا، كما يشهد الله أنه منذ تعييني من طرف جلالة الملك على رأس المندوبية السامية للتخطيط أبلغني أن أظل مستقلا وأن أقدم الأرقام والمعطيات تطابقا مع ما هو موجود على أرض الواقع، ومنذ تعييني إلى اليوم لم أقم إلا بهذا الواجب ولا سلطة لأحد علينا إلا المقتضيات العلمية للإحصاء والتحليل الاقتصادي والعلمي.
أحدث التعليقات