مع دخول شهر الغفران والصدقات، شهر رمضان المبارك، تنتشر سلوكيات غريبة في أغلب الأحياء الفقيرة بالمدن المغربية وتكثر الظاهرة في القرى والبوادي النائية، فقبل أيام انطلقت السلطات الرسمية في توزيع إعانات غذائية لصالح الفقراء، في إطار ما يصطلح عليه بـ”قفة رمضان”، العملية يرافقها في الكثير من الأحايين صحفييون يوثقون عملية التسليم في مشاهد أقل ما يمكن القول عنها “مهينة”.
وأبرز ذات المتحدث في حديثه مع “فبراير”، دأب المغرب على اطلاق عملية قفة رمضان، كما دأب على مشروع مليون محفظة وأيضا انظمة الرميد والاعانات المباشرة حتى يكون هناك بعض من التخفيف ومحاربة الهشاشة، وإذ تبقى جميعها مبادرات ملكية قيمة تهدف لصون كرامة المواطن المغربي ومساعدته، وهو ما استوجب دائما حضور السلطة وأطر مؤسسة محمد الخامس، وإذ كانت هذه الحملات تقام في مقرات المدارس ومكاتب السلطات في القرى والدواوير وفق جداول مضبوطة وأسماء محددة يتم احصاؤها مسبقا لتكون العملية اكثر مصداقية واستهدافا للفئات الفقيرة، وهو الأمر الذي كان عاديا بسبب تمركز كل الأجهزة والإداريين في المقرات والتي هي أصلا مقرات عمل لا تثير انتباها ولو حضر المستفيدون في إطار طوابير تنظيما محكما للعملية.
وتعليقا على الموضوع قال المحلل السياسي كريم عايش،لابد من التنويه أن جهود تقديم العون للفقراء في مختلف مناطق المغرب، على امتداد سنوات وبوتيرة تصاعدية وبانتظام من السياسات الاجتماعية الناجحة القليلة بالوطن العربي والإفريقي، وهي وإن كانت تندرج ضمن سياسة تطوير وتثمين الرأسمال البشري عبر محاربة الهشاشة والفقر والتخفيف من الضغط الاجتماعي للفقر على فئات عريضة، فلا يمكن من المنظور الاقتصادي تساوي كل فئات المجتمع في إطار التنافس والامتلاك والمبادرة الاقتصادية وهو ما يخلف فوارق كبرى ويخلق هوامش مدن وقرى بما لكل فضاء من ميزات وامكانيات.
وقبل يومين انتشرت مقاطع عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، ابرزها فيديو من مدينة طنجة يُظهر مسؤولين رفقة معوزين يتسلمون قففا رمضانية وعدسات الكاميرات توثق اللحظة لقطة بلقطة، ما خلف انتقادات حادة في صفوف المواطنين والنشطاء والحقوقيين، الذين وصفوا العملية بـ”غير البريئة” لأنها أقرب إلى الاستغلال منها إلى المساعدات الانسانية.
وأضاف المحلل السياسي، أنه و بسبب عدم فهم طبيعة عمل كل الهياكل المصاحبة للعملية، تم استغلال صور توزيع المساعدات على أنها امتهان لكرامة المواطن وإهانة له دون فهم الميكانيزمات الادارية واللوجيستية المصاحبة للعملية والتي تفرض حضور مختلف الاجهزة الادارية من سلط متلقية ومدبرة للمساعدات وموزعة ومنظمة للعملية، وهو ما يفرض حضور كل فرد على الأقل لتتبع العملية والإشراف عليها حتى لا يتم تحويلها عن مسارها الحقيقي وربما استغلالها في أغراض انتخابية أو سياسية خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الإنتخابية وبروز قوى استرزاقية تدفع نحو استغلال الإحسان والمساعدات العمومية في حملات انتخابية سابقة لأوانها وهو ما كان ليفقد العملية هدفها الأصلي ويدخل المؤسسات العمومية ومؤسسة محمد الخامس في صراعات لا علاقة لها بالمبادرة الملكية الاجتماعية واهدافها النبيلة.
وأشار عايش إلى ضرورة التحري وفهم الأمور قبل مهاجمة السلطة ومحاولة تشويه العملية وبالتالي أخراج العمل الإداري الجباري والكثيف لكل الأطراف عن إطاره الحقيقي وإدخاله في ما ليس هو أهله ولا معناه طالما أن الكل مجند لتحقيق الأهداف المسطرة وإيصال المبادرة إلى ما ترجوه.
أحدث التعليقات