وكانت المحكمة الابتدائية بطنجة، قبل ثلاث سنوات، قد قضت بثبوت بنوة الطفلة فقط دون النسب، وأدين على إثر الأب البيولوجي بأداء تعويض قدره 10 ملايين سنتيم.
وجاء في تفاصيل الحكم، الصادر في شتنبر الماضي، والذي كشفه موقع “هسبريس”، أن “أم طفلة غير شرعية لجأت إلى محكمة النقض من أجل إثبات نسب طفلة لوالدها، الذي أنكر صلته بها، لكن المحكمة رفضت”.
وذكرت محكمة النقض أيضاً أن “العلاقة التي كانت تجمع بين طرفي النزاع هي علاقة فساد، وأن ابن الزنا لا يلحق بالفاعل ولو ثبت بيولوجيا أنه تخلق من نطفته، لأن هذه الأخيرة لا يترتب عنها أي أثر يذكر”.
وتفاعلاً مع القضية، كتب الصحفي أحمد مدياني، “مؤسف جدا أن تسقط محكمة النقض اجتهادا قضائيا ينتصر للأطفال ويلزم الآباء الذين كانوا وراء خروجهم إلى الحياة بمنحهم النسب وإن كانت العلاقة خارج إطار الزواج”.
أثار قرار أصدرته محكمة النقض، يقضي برفض طلب تقدمت به أم لإثبات بنوة طفلة غير شرعية، مولودة خارج إطار الزواج، جدلا واسعا في المنصات الاجتماعية.
وأثار هذا الحكم جدلا في فيسبوك، حيث اعتبر البعض أن هذا القرار “سيفتح الباب أمام عديمي الضمير في ولادة الأطفال والتخلي عنهم بدم بارد”؛ فيما قال آخرون إننا “في الحاجة إلى القاضي ذي المرجعية الحقوقية والدستورية الذي يستلهم من القواعد القانونية والمعاهدات الدولية ويغلب المصلحة الفضلى للطفل”.
واعتمدت في قرارها على الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب، ناهيك عن اختبار الحمض النووي الذي قطع الشك باليقين بأن “البنت من صلب المدعى عليه”، لكن هذا الحكم الابتدائي ألغته محكمة الاستئناف بالاستناد إلى أحاديث نبوية وعدد من التفسيرات.
وأضاف مدياني أن “المحكمة هنا ومن كان وراء اسقاط الاجتهاد القضائي لم تأخذ بمبدأ دستوري متأصل، وهو حماية المصلحة العليا للطفل، والمغرب من الدول التي وقعت على المواثيق والعهود الدولية لحماية الأطفال”.
وعللت المحكمة قرارها بأن القواعد القانونية وقواعد الفقه المعمول به، وهي بمثابة قانون، تقر بـ”أن ولد الزنا يلحق بالمرأة لانفصاله عنها بالولادة بغض النظر عن سبب الحمل هو وطء بعقد شرعي أو شبه أو زنا، ويكون منقطع النسب من جهة الأب ولا يلحق به بنوة ولا نسباً”.
وأردف مدياني أن “هذا القرار من محكمة النقض سيفتح الباب أمام مجموعة من عديمي الضمير الذين يتسببون عن سبق إصرار وترصد في ولادة أطفال وطفلات والتخلي عنهم وعنهن بدم بارد”.
وأشارت المحكمة في قرارها إلى الفصل 32 من الدستور الذي ينص على أن “الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع”، كما أشارت إلى المادة 148 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه “لا يترتب عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية”.
أما الناشط الفيسبوكي إسماعيل شرقي علق قائلاً: “في الحاجة إلى القاضي ذي المرجعية الحقوقية والدستورية الذي يستلهم من القواعد القانونية والمعاهدات الدولية ويغلب المصلحة الفضلى للطفل ويراعي التطور العلمي لوسائل الإثبات وليس من يحتكم إلى التفسير القاصر لوقائع معينة ويغلفها بغلاف ديني”.
فيما كتب الناقد السينمائي سعيد المزواري: “هاد القضية المحبطة حدّ التيئيس شاهد آخر على أننا تنعيشو فمنظومة عندها كاروسري ديال “البراق”، وموطور ديال اجتهادات القرون الوسطى”.
وأضاف سعيد المزواري، في تدوينة عبر فيسبوك، “آش من حياة وجدنا لهذا الطفل لي غيعيش دون ثبوت نسب الأبوة في مجتمع تقليدي لا يرحم، من غير العقد النفسية والحقد والإجرام”.
وختم حديثه قائلاً: “للأسف، هناك من لا يرغبون للمغرب أن يلج الحداثة، لأنهم يدركون جيداً أنها ملازمة للإنصاف والعدالة السياسية والاجتماعية، فيما هم يريدون تأبيد استحواذهم على الثروات والاستبداد بالسلطة”.
أحدث التعليقات