وهذا الانحدار الجليدي الذي يُعدّ من أخطر الأجزاء لأي جبل يُتسلَّق على نحو معتاد على الإطلاق، هو عبارة عن دهليزٍ شديد الانحدار، ومتحوّل باستمرار من الكتل الجليدية البرجية المتأرجحة والصدوع والجليد المتعرّج، ويرتمي 610 أمتار إلى الأسفل من فوق شِعبٍ (وادٍ) بين الكتف الغربية لجبل إيفرست وقمة “نوبتسِه”، القمة التي تطل على “مخيّم الانطلاق” من ارتفاع 7861 متراً.
كان كثيرٌ من زملاء نيما تشيرينغ من الشيربا قد سبقوه إلى المشي عبر الانحدار الجليدي بخطى مثقلة في وقت أبكر من صباح ذاك اليوم الموافق لتاريخ 18 أبريل 2014. وكانوا قد تناولوا فطورهم المعتاد المؤلّف من الشاي وعصيدةٍ من دقيق الشعير تسمّى “تسامبا” بلُغتهم، وحملوا على أعتاقهم أمتعةً كانوا قد حزموها الليلة الماضية.
كان بعضهم يحملون الحبال والمعاول والمجارف الثلجية والمَراسي الجليدية، وغيرها من المعدّات التي تُستعمل لتثبيت ما يشبه درابزوناً من الحبال الثابتة يمتد على طول الطريق وصولاً إلى قمة إيفرست البالغ ارتفاعها 8850 متراً. وكان غيرهم يحملون التجهيزات اللازمة لتأسيس أربعة مخيّمات متوسّطة في مواضع أكثر ارتفاعاً على الجبل: أكياس النوم وخيم تناول العشاء والطاولات والكراسي وأواني الطبخ، بل حتى السخّانات والحصائر والزهور الصناعية المعدّة لتزيين أوقات تناول الطعام لعملائهم.
وكانت تظهر على بعض أهالي الشيربا هؤلاء بقايا من دقيق الشعير المحمّص الذي كانوا قد دلكوه على وجوه بعضهم بعضاً خلال ممارستهم لطقوس “البوجا” البوذية في اليوم السابق، عندما دعوا “جومو مِيو لانغ سانغما”، إلهتهم التي يعتقدون أنها تسكن جبل إيفرست، أن تنعم عليهم بالأمان وطول العمر. وكان بعض المتسلّقين قد أنجز عدّة رحلات إلى القمة ذهاباً وإياباً منذ افتتاح الطريق في أوائل شهر أبريل الماضي على يد المتخصصين الشيربا الذين يلقّبون بأطباء الانحدارات الجليدية. ولم يكن خط الحبال وسلالم الألمنيوم المثبّتة التي كانت تجتاز الأجراف وشقوق الجليد يختلف كثيراً عن خط السير المسلوك خلال مواسم تسلّق الجبل الأخيرة، لكنه كان أقرب إلى الجانب المجروف بالانهيارات الجليدية من الكتف الغربية للجبل، حيث كان نهر جليدي معلّق قد نتأ من مكانه على ارتفاع 300 متر فوق خط السير، مُنذرا بوقوع مصيبة وشيكة
أحدث التعليقات