يمر الإنسان خلال حياته بفترات معينة، بحيث تكون لكل فترة من هذه الفترات خصوصية خاصة بها، فحياة الإنسان تبدأ بفترة الطفولة ثم بعد ذلك المراهقة ثم فترة الشباب ثم الشيخوخة فالموت. هذه هي الفترات باختصار، يتغير الإنسان جسمً واحاسيساً وعقلاً بتغير هذه الفترات، ويتغير أيضاً الجو المحيط به على مستوى الأشخاص والأماكن، ففي الطفولة مثلاً يعي الإنسان أمه وأباه وإخوانه وأعمامه وعماته وخالاته وأخواله وأصدقاء مدرسته وحارته، وبعد ذلك قد يختفي البعض من هؤلاء الأشخاص وقد يدخل أشخاص آخرين، فتدخل الزوجة والأولاد على حياته، ويدخل زملاء العمل وأصدقاء الدراسة الجامعية مثلاً، وجيران المنزل الجديد الذي انتقل إليه، فالثابت هو الإنسان وكل إنسان هو مركز كونه وهو محور ذاته، والجميع يدورون حوله، وكل إنسان هو رواية بحد ذاتها، لها بدايتها وأشخاصها واماكنها وزمانها وأحداثها السلبية وأحداثها الإيجابية وحبكتها وخاتمتها. فمرحلة الطفولة هي مرحلة مهمة للأفراد، جميع الأفراد، ففيها تتكون شخصياتهم ويكتسبون خبراتهم الاولى، ويتعلمون الأخلاق، ويتعلمون الخطأ والصواب المعتمد على العادات والأعراف والدين، وهي مرحلة تأسيس الإنسان علمياً. وحي مرحلة حساسة جداً فإن مرت بحرص وحذر، كان الإنسان في الأغلب إنساناً صالحاً، أما إن تعرض الطفل للعنف والتسلط والتربية السيئة، خرج إلى المجتمع إنساناً عالة لا يبالي بالأخلاق ولا بأي شيء، خطر يتهدد كل من حوله. لهذا توجب على الأبوين الاعتناء بشكل ممتاز بأبنائهم الصغار وإرشادهم والأخذ بيدهم إلى طريق الأمان والسلامة الذي سيكملون عليه مسيرتهم عندما يكبرون، فالأطفال هم أمل المستقبل وأمل البلاد، فيجب أن يخرج جيل متعلم على سوية عالية من الأخلاق وحب الغير والعطاء. فترة الطفولة فترة مقدسة في ذاكرة الإنسان، فهي الفترة التي كان فيها للحياة طعم آخر، فعنوان الحياة في هذه الفترة البراءة ولا شئ سوى البراءة، فالأطفال ببرائتهم وعفويتهم يضفون على الحياة طعماً آخر غير الطعم المر الذي يضفونه الكبار على الحياة والذي اكتسب مرارته من الأطماع والأحقاد والضغائن والحقد والشتائم، فالكل يسعى للسيطرة، لا يوجد تنازلات، لهذا عندما يتذكر الإنسان سنين حياته الاولى يتذكر الأيام الجميلة التي عاشها والتي لم يكن فيها حاملاً لمتاعب الحياة ومشاقها، ولم يكن يعبأ بأية امور أخرى غير اقتناص فترات للعب والمتعة، فحياة الطفولة تعني المتعة التي لا نهاية لها، وتعني البراءة بأجمل معانيها، وتعني المستقبل الذي سيبنى حجراً فوق حجر ولبنة فوق لبنة، وتعني وطناً سيرتفع اسمه في الأعالي بهمة هؤلاء الأطفال عند يصبحون كبار.
أحدث التعليقات